جرائم المدمنين في علم النفس الجنائي .. يعتبر إدمان المخدرات من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تهدد أمن واستقرار المجتمعات، ولا تقتصر مخاطره على الجانب الصحي فقط، بل تمتد إلى السلوك الإجرامي بشكل مباشر.
وتشير الدراسات الحديثة في علم النفس الجنائي إلى وجود علاقة وثيقة بين تعاطي المواد المخدرة وارتفاع معدلات الجريمة، سواء الجرائم ضد النفس أو المال أو المجتمع.
ويؤثر الإدمان على الجهاز العصبي المركزي ويحدث خللًا في الإدراك والقدرة على التمييز واتخاذ القرار، مما يدفع المدمن أحيانًا إلى ارتكاب جرائم لم يكن ليقدم عليها في حالته الطبيعية، مثل السرقة لتوفير ثمن المخدر، أو الاعتداء في حالات الهلوسة أو الهياج، أو حتى القتل تحت تأثير فقدان الوعي أو السيطرة.
ومن منظور علم النفس الجنائي، فإن السلوك الإجرامي لدى المدمن لا ينشأ فقط عن الحاجة الجسدية للمواد المخدرة، بل أيضًا عن التغيرات العميقة التي تحدث في البناء النفسي والمعرفي للفرد.
فالإدمان يضعف آليات الضبط الداخلي، ويعزز من الاندفاعية، ويقلل الشعور بالذنب، ما يسهل السقوط في سلوك إجرامي.
ويوضح علماء النفس الجنائي أن البيئة المحيطة تلعب دورًا مهمًا، فالفرد المدمن غالبًا ما ينتمي إلى بيئة يغيب عنها الدعم الأسري والاجتماعي، ويغلب عليها الفقر والتفكك، مما يجعله أكثر عرضة للانحراف.
وفي ضوء ذلك، فإن معالجة الإدمان لا ينبغي أن تقتصر على العلاج الطبي فقط، بل يجب أن تشمل أيضًا تأهيلًا نفسيًا وسلوكيًا، وإعادة دمج المتعافي في المجتمع، مع ضرورة تفعيل دور الوقاية والتوعية، وتشديد الرقابة على مصادر الترويج والتوزيع، باعتبار أن الوقاية هي الخط الأول في محاربة الجريمة المرتبطة بالمخدرات.