ستظل 25 أبريل عيدًا قوميًا لمصر، والانتصار الثاني بعد حرب أكتوبر 1973، حيث كانت تعتبر الانتصار في المعركة الثانية (السياسية) هذه المرة، لـ تحرير سيناء ورفع العلم المصري فوق مدينة العريش، وكانت مصر قد فقدت سيناء بعد هزيمة 67، واحتلها جيش الاحتلال الإسرائيلي بالكامل.
فشنت مصر معركة التحرير الأولى لاستعادة سيناء، يوم السادس من أكتوبر 1973، العاشر من رمضان 1393، حينما هاجم الحيش المصري قوات الاحتلال الإسرائيلية، ودمر خط بارليف، وألحق بالعدو خسائر كبيرة، وحرر جزءًا غاليًا من سيناء.
أعقب تلك المعركة العسكرية سلسلة من المعارك السياسية والدبلوماسية، فكانت المعركة الثانية بقيادة الرئيس الراحل أنور السادات، في توقيع اتفاقية السلام بكامب ديفيد، والتي استطاع بها تحرير باقي سيناء، وتم إجلاء قوات الاحتلال الإسرائيلية منها.
ورُفع العلم المصري فوق مدينة العريش يوم 26 مايو عام 1979، وفي يوم 25 أبريل 1982 تم رفع العلم المصري على مدينة رفح وأُعلن اليوم عيداً قومياً مصرياً في ذكرى تحرير كل شبر من سيناء، فيما عدا طابا.
وهو ما كان فتيل المعركة الثالثة، عندما افتعل الاحتلال الإسرائيلي مشكلة، خلال مفاوضات انسحابها، بشأن العلامة 91، على خط الحدود، لتدعي أن طابا أرض إسرائيلية، فدخلت مصر معركة، أخرى، في التحكيم الدولي لمدة سبع سنوات، حشدت فيها العظماء من رجال مصر القانونيين.
وتعقبت اللجنة المعنية خرائط الامبراطورية العثمانية المحفوظة في إسطنبول، وحصلت منها على نسخ تؤكد أن طابا مصرية، كذلك أحضرت خرائط من بريطانيا تفيد بأن طابا مصرية، حتى أصدرت المحكمة الدولية حكمها بأحقية مصر في أرض طابا، ورفعنا العلم فوقها يوم 19 مارس 1989.
ودارات المعركة الرابعة، حديثاً، بعد عقود من توقيع اتفاقية السلام، التي قسمت سيناء لثلاث مناطق؛ أ، ب،ج، ونصت الاتفاقية على تواجد قوات عسكرية مصرية في المنطقة "أ"، ويقتصر التواجد في المنطقة "ب" على قوات حرس الحدود والأمن المركزي.
بينما لا تتواجد أي قوات عسكرية في المنطقة "ج"، إلا بالتنسيق بين الجانبين المصري والإسرائيلي.
ولما انزعج الكثيرون من ذلك البند، عند توقيع الاتفاقية، صرح الرئيس السادات، بأنه سيأتي، من بعده، من يُعّدل هذه الاتفاقية، وهو ما نجح فيه الرئيس السيسي، في سبتمبر الماضي، بعد لقاء الرئيس الإسرائيلي في شرم الشيخ.
وتم تعديل الاتفاقية الأمنية، بتواجد القوات العسكرية المصرية في المنطقة "ج"، لتبسط القوات المسلحة المصرية سيطرتها على كامل الحدود، وهو ما يدعو لفخر مصر وشعبها.
وبعد اكتمال عودة سيناء إلى حضن الوطن الأم، فإن تنميتها صارت الطريق الأمثل لتأمينها، كما أعلن الرئيس السيسي، في مختلف المناسبات، وبالفعل، بدأت خطة التنمية بربط سيناء بعموم مصر من خلال الأنفاق الجديدة، وزراعة نصف مليون فدان في شرق الإسماعيلية.
وتم بناء ثلاث مدن وثلاث جامعات جديدة، فضلاً عما يشهده ميناء العريش من تطوير، وميناء شرق بورسعيد الذي احتل المركز العاشر عالمياً في تداول الحاويات، متقدماً على ميناء هونج كونج، بحسب تقرير البنك الدولي.
ومن المقرر أن يبلغ تعداد السكان، في سيناء، نحو ستة ملايين مصري، بحلول عام 2030، بعد جعلها منطقة جاذبة للسكان، بتوفير فرص العمل المناسبة، في مختلف المشروعات التنموية التي تقام على أرضها، ومنها ثلاث مصانع للأسمنت، وآخر للرخام.
وهكذا صار تعمير سيناء أساس تأمينها، لكي لا تكون مرتعاً للإرهاب، أو مطمعاً لإسرائيل، وغيرها، لتهجير أهالي غزة إليها، لتبقى سيناء، كما هي تاريخيًا، أرضاً مصرية، وسدها المنيع أمام أي خطر من الاتجاه الاستراتيجي الشمالي.
كذلك، ظهرت خطة إعادة توطين البدو الرحل في سيناء، هؤلاء البدو الذين تعرضوا خلال وجودهم في سيناء لفترات صعبة للغاية، خاصة خلال السنوات الست من الاحتلال الإسرائيلي للمنطقة.
وبناءً على ذلك، أمر الرئيس السيسي بتوطين البدو في قرى جديدة يتم اختيار مواقعها بعد حفر بئر مياه والتأكد من وجود مصدر دائم ومستدام للمياه. يتم بناء القرية حول هذا البئر، بحيث تُمنح كل أسرة بدوية ستة أفدنة لزراعتها ومنزلًا ريفيًا يتناسب مع أسلوب معيشتهم.
بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء فصول تعليمية بنظام "اليوم الواحد"، كما تم بناء مدارس ثانوية في المدن الرئيسية في سيناء، التي كانت تفتقر سابقًا إلى هذا المستوى من التعليم، مثل نخل والكونتيلا.
وأصدر الرئيس السيسي قرارًا بقبول أبناء سيناء في الكليات العسكرية والشرطة سنويًا، لضمان وجود ضباط من أبناء البدو في المستقبل، وهو الأمر الذي كانوا محرومين منه في الماضي.
كما تم إنشاء مدرسة ثانوية للصيد في مدينة البردويل، إلى جانب ثلاث جامعات في شرق بورسعيد، وشرق الإسماعيلية، وجنوب سيناء، لاستيعاب طلاب سيناء بدلًا من اضطرارهم للانتقال إلى جامعات مدن القناة أو القاهرة.
أما فيما يخص البنية التحتية، فقد تم تنفيذ مشاريع ضخمة لرصف الطرق في سيناء بهدف تعزيز الحركة التجارية.
كما تولت الدولة تطوير ميناء العريش ليصبح مستقبلًا أحد أهم الموانئ في شرق البحر المتوسط، حيث سيتم توسيع ساحات استقبال الحاويات ليصبح مركزًا رئيسيًا للتجارة في المنطقة.
حيث سيتم أيضًا ربط الميناء بشبكة طرق داخل سيناء لنقل المنتجات المحلية مثل الأسمنت والرخام، بالإضافة إلى إنشاء خط سكة حديد يربط الميناء بطابا في الجنوب، وخط آخر يربطه بالعريش، مما يسهم في ربط سيناء بالدلتا ومدن القناة، ويعزز من حركة الصادرات المصرية عبر هذا الميناء الجديد.
وعندما ارتفع العلم المصري فوق أرض سيناء، كانت تلك لحظة تاريخية، ويومها، كانت شاهد على بكاء الإسرائيليين وهم يرون العلم المصري يرفرف بينما ينخفض العلم الإسرائيلي، وأعتقد كان ذلك رمزًا لكل المصريين أن سيناء قد عادت لمصر.
وخرج جنود الاحتلال بعد كل هذه الحروب ومن هنا، سيظل هذا العيد هو عيدًا لكل المصريين فيه نعيد برجوع أرض سيناء الحبيبة الى وطنها الأم... مصر.