الزغبي: مصر لا تصنع السلام فقط،بل تعيد تعريفه وترسيخه

الجمعة 10/أكتوبر/2025 - 12:23 ص

أكد الدكتور سعيد الزغبي، أستاذ العلوم السياسية، أن مصر لا تكتفي بصناعة السلام أو التوسط من أجل التهدئة، بل تسعى إلى إعادة تعريف مفهوم السلام نفسه وفق رؤية شاملة واستراتيجية تعيد رسم توازنات الإقليم.

وأوضح أن الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تعمل على تحويل السلام من مجرد ورقة تفاوض إلى مشروع إقليمي متكامل، يتجاوز حدود التهدئة المؤقتة إلى بناء علاقات استراتيجية وتوازنات دائمة تحفظ استقرار المنطقة.

وأشار الزغبي إلى أن اتفاق شرم الشيخ، الذي أسفر عن وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة، يمثل تجسيدًا واضحًا لهذا النهج، لافتًا إلى أهمية الكلمات التي ألقاها الرئيس السيسي خلال لقائه مع المسؤولين الأمريكيين، وعلى رأسهم المبعوث ويتكوف، والتي أكدت على دور الولايات المتحدة كشريك أساسي في إتمام هذا الاتفاق، إلى جانب الجهود المصرية المحورية.

وأضاف أن الولايات المتحدة الأمريكية، ممثلة في إدارة الرئيس دونالد ترامب، تعول بشكل كبير على الدور المصري في تحقيق التهدئة وترسيخ الاستقرار.

فقد أظهرت الأيام الماضية أن البيت الأبيض يرى في القاهرة فاعلًا مركزيًا في هندسة الحلول السياسية، مشيرًا إلى أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه لم يكن ليُكتب له النجاح لولا التحرك السياسي والدبلوماسي المصري المكثف.

اقرأ أيضًا:

باحثة: زيارة ترامب لمصر لها دلالات سياسية واضحة تؤكد المكانة الإقليمية للقاهرة

ترامب: الإفراج عن الأسرى مطلع الأسبوع المقبل وتوقيع اتفاق غزة في مصر

الرئيس السيسي: ترامب يستحق جائزة نوبل للسلام لجهوده في وقف حرب غزة

الرئيس السيسي يستقبل المبعوث الخاص الأمريكي للشرق الأوسط لبحث تنفيذ خطة ترامب

وتابع سعيد الزغبي: “الدبلوماسية المصرية كانت بمثابة ورقة ضغط دولية على واشنطن، ساهمت بشكل مباشر في إخراج خريطة ترامب للسلام، والتي تتضمن 21 بندًا طرحها قبل أيام، وساهمت في تسريع الوصول إلى اتفاق شامل”.

وأكد أن مصر والولايات المتحدة تشكلان ركيزتين أساسيتين في إنجاح عملية السلام في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن هذا التعاون يعكس إدراكًا مشتركًا لأهمية إنهاء الصراع على أسس متوازنة ودائمة.

وفي رده على سؤال حول نظرة المجتمع الدولي لمصر، قال الزغبي إن العالم، وعلى رأسه الولايات المتحدة، كان يترقب التحرك المصري في الأيام الماضية كمؤشر رئيسي لنجاح مفاوضات شرم الشيخ، مضيفًا: “مصر لديها قدرة واضحة على إنتاج حلول واقعية بفضل ما وصفه بـ الابتكار السياسي، وهو ما مكنها من حل كثير من أزمات الإقليم”.

واستشهد الدكتور سعيد الزغبي بأن القضية الفلسطينية ظلت دومًا ثابتًا من ثوابت السياسة الخارجية المصرية، منذ قرار التقسيم عام 1948 وحتى اليوم، مؤكدًا أن الموقف المصري الراسخ من القضية، وعلى وجه التحديد الدفع نحو حل الدولتين ورفض التهجير القسري للفلسطينيين، ظل حجر الزاوية في أية تسوية مقبولة دوليًا.

وتحدث الزغبي عن رفض مصر القاطع لعمليات التهجير القسري لسكان قطاع غزة، مشيرًا إلى أن الموقف المصري أجهض عدة محاولات كانت ترمي إلى فرض هذا السيناريو ضمن ما سمي بـ"ريفييرا الشرق الأوسط".

وقال سعيد الزغبي إن القاهرة كانت السد المنيع في وجه هذه المخططات، إذ تبنت في مارس 2025 خطة إعادة إعمار القطاع، وطرحتها خلال القمة الاستثنائية في رمضان، لتشكل ضربة استباقية مصرية حالت دون تنفيذ سيناريوهات التهجير.

وأضاف: “نفس البنود التي وردت في خطة ترامب الأخيرة من البيت الأبيض سبق وأن طرحتها مصر، خاصة ما يتعلق بإعادة الإعمار دون تهجير السكان. وهذا يوضح التوافق الكبير في الرؤى بين القاهرة وواشنطن، ويؤكد مركزية مصر في أي عملية سلام حقيقية”.

واختتم الدكتور الزغبي حديثه بالتأكيد على أن المرحلة الحالية تشهد توافقًا واضحًا في الرؤى بين مصر والولايات المتحدة بشأن ضرورة إحياء عملية السلام الفلسطينية على أسس واقعية.

وأوضح أن هذا التوافق لا يقتصر على التصريحات السياسية، بل يتجلى في تنسيق فعلي وميداني بين الطرفين، لفرض حلول عادلة وعملية تنهي الصراع، وتحول دون إعادة إنتاج دوائر العنف والانفجار، مختتمًا بالقول: “الدولة المصرية تثبت، مرة بعد مرة، أنها ليست فقط صوت العقل في الإقليم، بل الضامن الوحيد لسلام عادل ومستقر، عبر أدوات دبلوماسية ذكية، ومبادرات استراتيجية تفرض احترامها على الجميع”.