الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
الايام المصرية

الطفولة مرآة في عمر الإنسان، ففيها تُرسم ملامح الروح وتُخط خطوط الشخصية الأولى، وبين أحضان الأبوين يبحث الطفل عن الأمان، ويكتشف معنى الحب والانتماء. 

غير أن بعض البيوت التي يُفترض أن تكون موانئ للطمأنينة تتحول أحيانًا إلى ساحة ألم، حيث تمتد يد العقاب لتترك جروحًا لا تندمل في النفس، وتصبح الكلمة القاسية سيفًا يغرس في القلب، تاركة ندوبًا قد ترافق الطفل حتى كبره.

الأبحاث التربوية والنفسية، خاصة نظرية التعلق (Attachment Theory) التي وضع أسسها جون بولبي (1969) وأينسورث (1979)، أكدت أن الطفل حتى في لحظات الإساءة لا يستطيع الانفصال عاطفيًا عن والديه، بل يتمسك بهم أكثر، وكأن القلب الصغير يرفض أن يفقد مصدر الأمان حتى وإن كان مؤلمًا.

وهنا يظهر ما يُسمّى بـ«التعلق غير الآمن» حيث تختلط المشاعر بين حب عميق وخوف جارح، بين ولاء لا ينقطع وقلق دائم.

هدم شخصية الطفل: التعريف والأسباب والوقاية

الدراسات الحديثة – ومنها أبحاث منشورة في مجلة Child Abuse & Neglect – أوضحت أن الأطفال الذين يتعرضون للعنف الجسدي أو النفسي ينمون داخلهم مشاعر سلبية تجاه ذواتهم، وليس فقط تجاه من أساء إليهم، فيكبر الطفل وهو يحمل إحساسًا بالذنب وكأنه السبب في ما حدث، ويترسخ داخله شعور بعدم الاستحقاق وانخفاض تقدير الذات، هذه الندوب قد تتحول لاحقًا إلى اكتئاب، قلق، أو اضطرابات شخصية.

لكن الصورة ليست قاتمة تمامًا، فالعلم التربوي يقدم لنا الحلول؛ إذ تبيّن أن التربية الإيجابية – القائمة على الحب غير المشروط، الإصغاء بتفهم، احتضان المشاعر، وتوفير بيئة آمنة – تُعيد تشكيل البناء النفسي للطفل، وتمنحه الثقة والقدرة على مواجهة تحديات الحياة.

من هنا، تُصبح الأبوة والأمومة مسؤولية تتجاوز حدود الإنفاق والرعاية المادية، لتغدو فنًّا عميقًا في بناء إنسان متوازن نفسيًا وعاطفيًا، فكل كلمة محبة تُقال، وكل حضن صادق يُمنح، هو استثمار في روح طفل سيكبر ليكون أكثر قوة وإيجابية في مواجهة الحياة.

إنها رسالة لكل أب وأم: احذروا أن تكونوا جرحًا في ذاكرة أبنائكم، وكونوا بدلًا من ذلك بلسمًا يرمم قلوبهم ويقوي أرواحهم.

تم نسخ الرابط