حديث المآذن،"رحلة الأيام المصرية" في مساجد القاهرة العتيقة

هنا كل مئذنة شاهدة على عصر، وكل قبة تخبئ بين زخارفها قصصًا عن السلاطين والعلماء والمنشدين الذين مرّوا من هنا عندما تسير في أزقة القاهرة القديمة، تشعر وكأنك تسافر عبر الزمن؛ رائحة الخشب العتيق تتسلل من أبواب المساجد، وصدى خطواتك يمتزج بنداء المؤذن الذي يعلو من مئذنة شاهقة، وكأنه يربط بين سماء الماضي وحاضر المدينة.
وفي الليالي الرمضانية، لا تكتفي المآذن برفع الأذان، بل تستعيد صوت النقشبندي والفشني، لتغني التواشيح التي تحفظها الذاكرة جيلاً بعد جيل، فتجعل قلب القاهرة ينبض بالحياة حتى الفجر
عمرو بن العاص الضوء يسطع في قلب القاهرة
في عام 641 وقف عمرو بن العاص على تراب الفسطاط يختار موضعا لأول مسجد فى مصر خطب عمرو بن العاص أول جمعة بنفسه وتحول المكان لقلب نابض بالعلم والعبادة.
في قلب الفسطاط يقف جامع عمرو بن العاص( أبو المساجد ) كأول مسجد في مصر وافريقيا بني بعد الفتح الاسلامي.
خضع لترميمات وتوسعات متعددة لكنه مازال محتفظا بجماله .

يقول الحاج محمود أحد المصلين:"المسجد ده تاريخ لكن احساسي هنا أكبر من التاريخ....دا بيت من بيوت الله اللي له روح خاصة
جامع عمرو بن العاص لم يكن فقط أول بيت لله فى أرض مصر بل كان منبرا للعلم وساحة للحوار من خطبة عمرو بنا لعاص الاولي الي أصوات الفراء والذاكرين فى ليالي رمضان....هنا تبدأ الحكاية وربما لا تنتهي أبدا
" ابن طولون وحديث الطوب المحروق"
أراد الامير بن طولون بناء مسجد من الطوب المحروق لتحميه المتانة حتى تقاوم الزمان وتقلباته كأنها قطعة من الجبل الذي بني عليه المسجد .
شيد مسجد بن طولون عام 879 م
يتميّز المسجد بمئذنته الحلزونية الوحيدة من نوعها في مصر، التي يمكن صعودها لرؤية القاهرة من منظور فريد وساحته الواسعة المفتوحة التي يحيط بها أربعة أروقة، أوسعها رواق القبلة.

قالت زائرة من الإسكندرية:انا مش فاهمة في التاريخ، بس المكان ده ليه رهبة كده... تحسي له قيمة.
لم يكن جامع بن طولون للصلاة فقط، بل استخدم عبر تاريخه كمأوى ومدرسة ومستشفى. وكل زاوية فيه تحمل أثرًا من زمنٍ مرّ، لكنه لم يختف
"الأزهر.. اجتمع العلم الدين"
في قلب القاهرة تحديدا في الحسين يقف الازهر كرمز علمي وعمره الف سنة منذ 970 م بناه القائد الفاطمي جوهر الصقلي وكان الهدف منه أن يكون جامعا وجامعة في نفس الوقت .
شهد الازهر ملوك وسلاطين وطلاب علم من كل البلاد ومشايخ كبار وثورات خرجت من ساحته صلاته كانت دائما معمورة

قال فهمي عبد الرحمن، طالب من إندونيسيا: "من زمان وأنا بحلم أجي الأزهر. لما دخلت المسجد أول مرة، حسّيت بالهيبة. هنا بتعلم الدين، وبحس براحة في قلبي."
وهكذا تظل مساجد القاهرة القديمة واقفة في هدوء، تحفظ في جدرانها صلوات العابرين، وحكايات العلماء، وخطى من مرّوا وسكنوا ثم رحلوا.
لكن... لو تكلم الطوب فعلًا، فماذا كان سيقول لنا اليوم؟