علاقة الإخوان المسلمين باسرائيل، المؤرخ جمال شقرة يكشف مفاجأة

أكد د. جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، الذي أن مشروع إسرائيل الكبرى بلا شك "صهيوني" بحت، هدفه التوسع على حساب الأراضي العربية، مع توظيف مكثف وخطير للدين في خدمة السياسة.
وأوضح الدكتور أن الادعاءات الدينية التي يُستند إليها في المشروع قابلة للتفنيد، بل إن التوراة نفسها – حتى بما تحمله من نصوص – مليئة بالتناقضات والضعف، فكلمة "مصر" مثلًا لم تكن تُستخدم في تلك الأزمنة، بل "قبط"، والنصوص المحرفة حول "من النيل إلى الفرات" لا تجد أصلًا لها بالشكل المتداول الآن.
التاريخ مقابل الأسطورة
أكد الدكتور شقرة أننا كمؤرخين لا نميل إلى التفسير الديني للتاريخ، بل نلتزم بالتحليل القائم على الوثائق والسياقات السياسية والاجتماعية، بل إن بعض الحاخامات أنفسهم والمؤرخين الجدد داخل إسرائيل شككوا في صحة هذه الادعاءات، فالنهر المذكور في النصوص – النيل – قد لا يكون نهر النيل المعروف لدينا، بل وادٍ موسمي خارج حدود مصر، أما كلمة "الفرات"، فقد أُضيفت لاحقًا إلى النصوص التوراتية ولم تكن أصلًا ضمنها.
الاستفادة من تفكك النظام العالمي
أوضح الدكتور أن نتنياهو، تحديدًا، يستغل حاليًا حالة "الميوعة" في النظام السياسي العالمي – عالمٌ يبدو أنه لم يستقر بعد بين أحادية القطب أو تعدده – ويحاول تمرير أجنداته التوسعية من خلال هذه الفوضى، وهو أمر سبق أن استفادت منه الصهيونية في الماضي، خاصة عندما راهنت على بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى، ما أفضى إلى "وعد بلفور" والهجرات المنظمة، التي توّجت بقيام الدولة الصهيونية في 1948.
مصر دائمًا في المواجهة
شدد الدكتور شقرة على أن مصر كانت – وما زالت – العقبة الأساسية أمام تحقيق هذا المشروع، فهي الدولة الوحيدة التي تمتلك الثقل الجغرافي والبشري والسياسي القادر على صد هذه الأطماع.
وأوضح أن مصر، تاريخيًا، كانت دائمًا في مواجهة مباشرة مع المشروع الصهيوني، بدءًا من رفض التهجير، ومرورًا بحروب 1948 و1956 و1967 والاستنزاف، وصولًا إلى نصر أكتوبر 1973.
علاقة الإخوان المسلمين باسرائيل: مصالح تتقاطع في الظل
من النقاط المثيرة في الحوار، الربط بين المشروع الصهيوني وجماعة الإخوان المسلمين، باعتبارهما حركتين تستخدمان الدين كغطاء لمشاريع سياسية.
وأوضح الدكتور جمال أن الجماعة تاريخيًا كانت انتهازية، وفقًا لما رواه له العديد من رجال السياسة والمفكرين خلال فترة دراسته، مثل فؤاد سراج الدين وغيرهم، الأهم من ذلك أن الجماعة، بحسب ما كشفه الدكتور، أسست فرعًا لها داخل إسرائيل عام 1971، وهو ما لم يكن ليحدث إلا بعد التنسيق مع "الموساد"، في مؤشر واضح على التقاطعات الخطيرة بين الطرفين.
تشويه التاريخ وتزييف الحقائق
تطرّق الحوار إلى خطورة الاعتماد على الميديا فقط في تكوين الوعي التاريخي، في ظل حملات ممنهجة لتزييف الوقائع، ولفت الدكتور شقرة إلى أن بعض "الميليشيات الإلكترونية" تعمل ليلًا نهارًا على تشويه الانتصارات التاريخية العربية والمصرية، وحتى إنكار وجود الهكسوس مثلًا أو التقليل من إنجازات أكتوبر.
رسالة للوعي العربي
في ختام الحوار، وجه الدكتور رسالة شديدة الأهمية للشباب العربي، مؤكدًا ضرورة الرجوع إلى المصادر التاريخية الموثقة، والتحقق دائمًا من هوية الكاتب وخلفيته الفكرية قبل تصديق ما يُنشر مشيرا إلى مبادرات مصرية رصينة مثل الموسوعة التي أعدها المجلس الأعلى للثقافة حول "موقف مصر من القضية الفلسطينية"، والتي توفر مراجع موثقة بأسعار زهيدة لتسهيل الوصول إلى المعلومة الحقيقية.
أشار الدكتور شقرة إلى أن مصر ليست كأي بلد، وأنها دومًا في قلب الصراعات الكبرى في المنطقة، وتخرج منها منتصرة، كما فعلت في مواجهة الصليبيين والمغول، وكما تفعل اليوم في مواجهة المشروع الصهيوني وأذرعه، ودعا الجميع – صغارًا وكبارًا – إلى إدراك ما يحاك للمنطقة، وتثبيت الوعي بالحقيقة التاريخية، لأنها السلاح الأقوى في مواجهة طمس الهوية وتشويه الذاكرة.