الجمعة 15 أغسطس 2025
الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
الايام المصرية

تتجه أنظار العالم نحو مدينة ألاسكا التي تشهد أول قمة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ومنذ الإعلان عن هذه القمة يتساءل ملايين الرواد حول العالم: ما هي ولاية ألاسكا؟ وأين تقع؟ ولماذا وافق بوتين على الذهاب إلى هذه المدينة على وجه التحديد؟

والسؤال الأكثر إثارة للجدل: لماذا اختار الرئيس بوتين مدينة ألاسكا لعقد هذا اللقاء مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟

بوتين وترامب في ألاسكا.. القمة التي أعادت "أمريكا الروسية" إلى الواجهة

لم يكن اختيار الرئيس بوتين لولاية ألاسكا، التي يطلق عليها ولاية «أمريكا الروسية»، مجرد اختيار جغرافي عابر، بل كان وراء هذا القرار رسالة سياسية وتاريخية مشفّرة تحمل في طياتها أصداء قرن ونصف من التحولات الجيوسياسية.

ألاسكا لم تكن دومًا نجمة في العلم الأمريكي، بل كانت حتى عام 1867 جزءًا من الإمبراطورية الروسية، تُعرف باسم "أمريكا الروسية"، قبل أن تُباع للولايات المتحدة في واحدة من أغرب صفقات القرن التاسع عشر.

حيث وافقت روسيا على بيع ألاسكا إلى الولايات المتحدة الأمريكية في مارس 1867، مقابل 7.2 مليون دولار، أي ما يعادل نحو سنتين للفدان الواحد، ودُفعت بالذهب، خوفًا من قيام بريطانيا باحتلال الجزيرة، في وقت كانت تعاني فيه روسيا من أزمة اقتصادية طاحنة.

واليوم، بينما تعود ألاسكا إلى واجهة الأحداث، يبدو أن بوتين أراد بعث إشارة رمزية عميقة: نحن على أرض كانت يومًا ملكًا لروسيا، وملفات الماضي يمكن أن تُفتح إذا تطلبت المصالح الاستراتيجية ذلك.

بهذا الاختيار، تصبح القمة أكثر من مجرد اجتماع دبلوماسي؛ إنها مشهد مسرحي على أرض تحمل في جليدها ذاكرة مشتركة وملفات خلاف قديمة، تتقاطع مع الحاضر المليء بالتوترات بين موسكو وواشنطن، من أوكرانيا إلى سباق النفوذ في القطب الشمالي.

ألاسكا.. أرض "أمريكا الروسية" التي جمعت بين موسكو وواشنطن

تقع ولاية ألاسكا في أقصى الشمال الغربي من القارة الأمريكية، وتشكل أكبر ولايات الولايات المتحدة بمساحة تفوق 1.5 مليون كيلومتر مربع، أي ما يعادل خمس مساحة بقية الولايات مجتمعة، وأكثر من ضعف مساحة ولاية تكساس.

تتميز بانفصالها الجغرافي عن بقية الولايات، إذ تحدها كندا من الشرق، بينما يربطها بروسيا مضيق بيرنغ الذي لا يتجاوز عرضه 82 كيلومترًا في أقصى الغرب، وتنخفض المسافة إلى نحو 4 كيلومترات فقط بين جزيرتي دايوميد الأمريكية والروسية، لتكون أقرب نقاط التقاء بين أمريكا الشمالية وآسيا.

تتمتع ألاسكا بأطول خط ساحلي بين جميع الولايات الأمريكية، وهي الولاية الوحيدة غير المتصلة برًا ببقية الولايات، إذ يفصلها عن ولاية واشنطن نحو 800 كيلومتر من الأراضي الكندية. جيولوجيًا، تُعد جزءًا من منطقة رانجيليا النشطة من حيث البناء القاري، وتفوق مساحتها مجموع أكبر ثلاث ولايات أمريكية تليها، كما أنها أكبر من مساحة أصغر 22 ولاية مجتمعة.

undefined

وتعد ألاسكا، الولاية الأكبر والأغنى طبيعيًا في أمريكا، تتميز بثراء بيئي وجغرافي فريد، حيث تضم أكثر من 50 ألف كيلومتر من السواحل بفضل مئات الجزر، أبرزها جزر ألوشيان ذات البراكين النشطة مثل جبل شيشالدين، الذي يعد من أجمل البراكين المخروطية في العالم، وتحتوي الولاية على أكثر من 3 ملايين بحيرة ونصف أنهار العالم الجليدية، إضافة إلى مساحات واسعة من التربة الصقيعية.

التوزيع العرقي في ألاسكا

تُعد ولاية ألاسكا واحدة من أكثر الولايات الأمريكية تنوعًا من حيث البنية العرقية، وهو تنوع يعكس تاريخها الطويل وموقعها الجغرافي الفريد على تخوم القارتين الأمريكية والآسيوية.

وتضم ألاسكا مزيجًا من الأعراق التي أسهمت في صياغة هويتها الحديثة، وتتشكل الأغلبية من البيض الأمريكيين، يليهم الهنود الحمر وسكان ألاسكا الأصليون، ثم المجموعات العرقية الأخرى وهي كالتالي:

  •  البيض الأمريكيون: 69.3٪
  • السود أو الأمريكيون من أصل أفريقي: 3.5٪
  • الهنود الحمر وسكان ألاسكا الأصليون: 15.6٪ (أكبر أقلية عرقية في الولاية)
  • الأمريكيون الآسيويون: 4.0٪
  • سكان جزر المحيط الهادئ: 0.5٪
  • أعراق أخرى: 1.6٪
  • عرقان أو أكثر: 5.4٪
  • من أصل إسباني أو لاتيني: 4.1٪

وفق بيانات حديثة، تتغير هذه النسب قليلًا لتعكس التحولات السكانية المستمرة بفعل الهجرة والنمو الطبيعي:

  • البيض الأمريكيون: 68.5٪
  • السود أو الأمريكيون من أصل أفريقي: 3.8٪
  • الهنود الحمر وسكان ألاسكا الأصليون: 13.4٪
  • الأمريكيون الآسيويون: 4.6٪
  • سكان جزر المحيط الهادئ: 0.5٪
  • أعراق أخرى: 1.9٪
  • عرقان أو أكثر: 7.2٪
  • من أصل إسباني أو لاتيني: 5.5٪

إلى جانب التنوع العرقي، تتميز ألاسكا بثراء قومي ملحوظ، إذ تنحدر نسبة كبيرة من السكان من أصول أوروبية، مع وجود روابط قوية بالتراث الروسي والنرويجي والإنجليزي نتيجة للهجرات التاريخية والاستكشافات، ومن أبرز هذه الأصول وفق البيانات الحديثة:

  • الألمانيون الأمريكيون: 16.6٪ (أكثر من 100,000 نسمة)
  • الأيرلنديون الأمريكيون: 10.8٪
  • الإنجليز الأمريكيون: 9.6٪
  • النرويجيون الأمريكيون: 4.2٪
  • الفرنسيون الأمريكيون: 3.2٪

المسوح السابقة تكشف نسبًا متقاربة مع بعض الفوارق الطفيفة، مما يبرز استقرارًا نسبيًا في البنية القومية للولاية على النحو التالي:

  • الألمانيون الأمريكيون: 19.3٪ (أكثر من 100,000 نسمة)
  • الأيرلنديون الأمريكيون: 12.5٪
  • الإنجليز الأمريكيون: 10.8٪
  • النرويجيون الأمريكيون: 4.2٪
  • الفرنسيون الأمريكيون: 3.6٪

هذا التنوع العرقي والقومي يمنح ألاسكا طابعًا فريدًا بين الولايات الأمريكية، ويجعلها نموذجًا حيًا للتعايش بين الثقافات، مع احتفاظ السكان الأصليين بتراثهم ولغاتهم في مواجهة موجات العولمة والاندماج الثقافي.

الوطن في محمية: حكاية الأصليين في أمريكا | منشور

اللغات في ألاسكا.. بين الإرث المحلي والتأثيرات العالمية

تُعد ألاسكا واحدة من أكثر ولايات الولايات المتحدة تنوعًا لغويًا، حيث تمتزج فيها اللغات الأوروبية الحديثة مع لغات السكان الأصليين التي تعود لآلاف السنين.

وتشير بيانات الاستقصاء السكاني الأمريكي إلى أن الغالبية الساحقة من السكان ما زالوا يستخدمون اللغة الإنجليزية في حياتهم اليومية، إلا أن النسب الملحوظة لمستخدمي الإسبانية واللغات الآسيوية واللغات الأوروبية الأخرى، بالإضافة إلى استمرار اللغات المحلية، توضح أن ألاسكا ليست مجرد امتداد جغرافي لأمريكا، بل هي نقطة التقاء حضاري ولغوي فريدة.

أما اللغات المحلية في ألاسكا، فهي تمثل إرثًا ثقافيًا لا يقدر بثمن، إذ يتحدث بها 5.2٪ من السكان، موزعة بين أسرتين لغويتين رئيسيتين: اللغات الأسكيمو-أليوتية واللغات النا-ديني.

هذه اللغات ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي سجل حي يحفظ ذاكرة المجتمعات الأصلية ويعكس علاقتها بالأرض والبيئة القاسية التي عاشت فيها، ويمكن تقسيم اللغات الأكثر استخدامًا في ألاسكا على النحو التالي:

  • الإنجليزية فقط: 84.7٪
  • الإسبانية: 3.5٪
  • لغة هندية أوروبية غير الإسبانية: 2.2٪
  • لغة آسيوية: 4.3٪
  • لغات أخرى: 5.3٪
  • النسبة: 5.2٪ من سكان ألاسكا يتحدثون واحدة من 22 لغة أصلية.
undefined

الدين في ألاسكا: تنوع عقائدي وتاريخ ممتد من الحقبة الروسية

رغم اتساع رقعتها الجغرافية وقلة عدد سكانها نسبيًا، تُعد ألاسكا واحدة من أقل الولايات الأمريكية تدينًا، وفقًا للإحصاءات التي جمعتها رابطة محفوظات البيانات الدينية، حيث لا يتجاوز عدد المنتمين للطوائف الدينية 39٪ من السكان.

هذا التنوع الديني يعكس تاريخ المنطقة، الذي تأثر بالاستعمار الروسي المبكر، والتبشير المسيحي، والهجرات المتعددة، فضلًا عن تأثير السكان الأصليين الذين اندمجت معهم بعض الطوائف، ويمكن تحديد نسب الانتماء الديني في ألاسكا على النحو التالي:

  • البروتستانت الإنجليكانيون: 78,070 عضوًا.
  • الروم الكاثوليك: 54,359 عضوًا.
  • البروتستانت عامةً: 37,156 عضوًا.
  • كنيسة يسوع المسيح لقديسي اليوم الأخير: 29,460 عضوًا.
  • المعمدانيون الجنوبيون: 22,959 عضوًا.
  • الأرثوذكس الشرقيون: 20,000 عضو، مع 49 أبرشية وعدد أتباع يصل إلى 50,000 شخص.
  • يوجد نحو 3,000 يهودي في ألاسكا.

 كما تشارك الجالية الهندوسية أماكن الاحتفالات مع السيخ والجاينز في أجواء تعكس التعايش الديني.

تم نسخ الرابط