إخلاء مبنى هندسة السكة الحديد التاريخي تمهيدًا لهدمه، وخبراء: "مأساة تراثية"

تستعد الهيئة القومية لسكك حديد مصر لبدء إخلاء مبنى هندسة السكة الحديد التاريخي، الواقع في قلب العاصمة القاهرة، تمهيدًا لهدمه ضمن خطة تطوير ميدان رمسيس، ما أثار جدلاً واسعًا بين خبراء العمارة والحفاظ على التراث، الذين وصفوا القرار بأنه "حزين" ويمثل "مأساة جديدة تطال التراث المصري".

شيد مبنى هندسة السكة الحديد عام 1906، ليكون مقرًا إداريًا وفنيًا تابعًا لهيئة السكك الحديدية، ويضم مكاتب نائب رئيس الهيئة لقطاع البنية الأساسية، إضافة إلى إدارات هندسية وفنية حيوية. 

ويتكون المبنى من ثلاثة طوابق إلى جانب الطابق الأرضي، ويعتبر من المعالم الإدارية البارزة في تاريخ الهيئة، إذ استمر لأكثر من قرن في أداء دوره كمركز لاتخاذ قرارات فنية مهمة.

ويتميز المبنى بطراز معماري كلاسيكي يعكس ملامح عمارة مطلع القرن العشرين، ويضم زخارف وتفاصيل معمارية تُعد شاهداً على فخامة البناء وأهمية المرفق الذي يخدمه.

اقرأ أيضًا:

مواعيد تشغيل عربات ثانية فاخرة خط القاهرة الإسكندرية، السكة الحديد تكشف التفاصيل

مواعيد قطار التالجو من الاسكندرية للقاهرة 2025، السكة الحديد تكشف التفاصيل

السكة الحديد تعدل تركيب بعض القطارات على خط (الإسكندرية/ القاهرة/ المنيا) والعكس

موعد حجز قطارات عيد الأضحي 2025، السكة الحديد تكشف التفاصيل

أوضح مصدر مسؤول داخل هيئة السكة الحديد في تصريحات صحفية، أن الهيئة بدأت بالفعل في إخلاء المبنى تدريجيًا من المعدات والمكاتب، على أن تتم عملية النقل على مراحل تبدأ من الشهر المقبل وتستمر حتى نهاية العام الجاري.

وأشار إلى أن العاملين سيتم نقلهم إلى مقر جديد جارٍ الانتهاء من تشييده بجوار محطة رمسيس، ويتضمن مبنى إداريًا ومولًا تجاريًا وجراجًا متعدد الطوابق.

وأكد المصدر، أن قرار هدم المبنى يأتي في إطار خطة تطوير شاملة لميدان رمسيس، تتضمن أيضًا توسعة كوبرى 6 أكتوبر في الجزء المطل عليه المبنى، مما استدعى إزالة بعض المنشآت في المنطقة.

اعتراضات من خبراء التراث والمعمار

في المقابل، أعربت الدكتورة سهير زكي حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بكلية الهندسة جامعة القاهرة وعضو اللجنة النوعية للمباني والمناطق التراثية بالجهاز القومي للتنسيق الحضاري، عن أسفها الشديد لقرار الهدم، واصفة إياه بأنه "قرار مأساوي يهدد أحد رموز التراث العمراني بالقاهرة الخديوية".

وأضافت حواس، أن المبنى مسجل كأحد المباني ذات الطابع المعماري المتميز وفقًا للقانون رقم 144 لسنة 2006، وتم إدراجه في قوائم المباني التراثية عام 2008 بعد حصر دقيق أجرته اللجنة برئاستها آنذاك.

وانتقدت عدم عرض قرار الهدم على اللجنة المختصة، رغم أن اختصاصاتها تشمل مراجعة جميع المشروعات التي تمس المناطق التراثية والمباني ذات الطابع المعماري الخاص، مؤكدة أن اللجنة كانت سترفض المشروع بالإجماع إذا تم عرضه، قائلة: “لا يعقل أن يُشارك أحد أعضاء اللجنة في التفريط في جزء من التاريخ”.

المحافظة تنفي مسؤوليتها

ومن جانب آخر، نفى مصدر مسؤول بمحافظة القاهرة مسؤولية المحافظة أو حي الأزبكية عن عمليات الهدم الجارية، موضحًا أن المبنى يتبع إداريًا لهيئة السكة الحديد، وهي الجهة الوحيدة التي تشرف على أعمال الإزالة دون تدخل من أجهزة الحي أو المحافظة.

وقال المصدر: “المحافظة ليست طرفًا في قرار إزالة مبنى هندسة السكة الحديد، ولا نشارك في تنفيذ الهدم بمعدات أو عمالة”.