
في زحام الدنيا وصخب الأحداث وتعاقب الأيام، يتوه الإنسان أحيانًا بين الفرح والحزن، بين الرغبة والخوف، بين ما يملك وما فقد، وينسى أن كل ما يحدث في هذا الكون يجري وفق أمر واحد لا يتبدل: «يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ» (السجدة: 5).
فكيف لقلب عرف هذا اليقين أن يقلق؟ وكيف لروح أيقنت أن المدبّر هو الله أن تنشغل بتدابير البشر؟
حين ترى رزقًا واسعًا في يد غيرك، لا تسمح للغيرة أن تتسلل إلى روحك، ولا تقل: «أنا أذكى منه» أو «أكثر جهدًا منه» فالأرزاق لا توزَّع على موازين البشر، بل على حكمة الله العليم الخبير.
قد يمنح الله غيرك نعمة، ويحجبها عنك رحمةً بك، وقد يؤخر عنك ما تتمناه لأنه يعلم أن فيه شقاءً لو أخذته اليوم.
وإذا رأيت بلاءً نزل بعبد، فلا تتساءل: لماذا هو؟ فإن رب العباد أعلم بعباده، يختبرهم ليرفعهم، أو يطهّرهم، أو يردهم إليه ردًا جميلًا.
احمد الله على النعم التي تكسوك من كل جانب، واحمده على البلاء الذي صرفه عنك دون أن تدرك.
كل ما فاتك لم يكن ليصيبك، وكل ما أصابك لم يكن ليخطئك.
الفرصة التي ابتعدت ربما كانت جسرًا إلى تعب، والخسارة التي وقعت عليك قد تكون درعًا يصد عنك شرًا أكبر.
حتى المكاسب التي بدت قريبة ثم اختفت، غابت لأن حقيقتها لم تكن خيرًا لك.
اجعل لسانك يلهج دائمًا: الحمد لله، فالحمد يورث الرضا، والرضا يسكب في قلبك سلامًا عميقًا يطفئ نار القلق. واستقبل صباحك بدعاء يملأ قلبك بالسكينة:
«اللهم لا تجعل للحزن مكانًا في قلوبنا، واملأ أيامنا خيرًا وسعادة ورضا»
فلا تخف من الغد، ولا تندم على الأمس، ولا تحزن على ما فاتك، فرب السماء يدبر الأمر كله.
ثق أن ما كتب لك لن يأخذه أحد، وما لم يُكتب لك لن تناله مهما سعيت. عش مطمئنًا، مبتسمًا، وقل دائمًا: الحمد لله على ما كان، وما هو كائن، وما سيكون.