
وسط تحديات متسارعة يعيشها العالم اليوم، يقف الشباب في قلب معادلة معقدة بين ضغوط اقتصادية واجتماعية وصحية، وبين طموحاتهم في مستقبل أفضل.
هنا تبرز الرياضة، وفي مقدمتها كمال الأجسام، كأكثر من مجرد نشاط بدني؛ لتتحول إلى أداة استراتيجية لتشكيل شخصية متزنة، وصناعة أجيال قادرة على حماية الوطن والمشاركة في بنائه.
إن الرياضة قادرة على أن تصنع فارقًا ملموسًا في حياة الأفراد والمجتمعات، ففي أحدث الرداسات الأمريكية أكدت أن برامج تدريب المقاومة، ومنها كمال الأجسام، تحقق زيادة تتراوح بين 15 و20% في قوة العضلات لدى المراهقين خلال ثلاثة أشهر فقط، وتخفض أعراض الاكتئاب بنسبة تصل إلى 30%.
هذه الأرقام لا تعكس فقط تحسنًا في الصحة الجسدية، بل تشير إلى بناء ذهنية صلبة قادرة على مواجهة ضغوط الحياة، ما يقلل احتمالات الانجراف نحو مسارات سلبية.
إن كمال الأجسام تحديدًا يمنح الشباب انضباطًا صارمًا وهيكلية يومية واضحة، إذ أظهرت إحصاءات أن 75% من المشاركين في برامج تدريبية منظمة التزموا بجدول تدريبي ثابت من ثلاث إلى خمس مرات أسبوعيًا على مدى ستة أشهر متواصلة.
هذا الالتزام لا ينعكس فقط على قوة الجسد، بل يغرس قيم المثابرة والعمل الجاد في مواجهة التحديات، وهي قيم تشكل خط الدفاع الأول عن استقرار المجتمع.
كمال الأجسام وحماية الأمن القومي للبلاد
انعكاس هذه الممارسات على الأمن القومي يتجلى في قدرتها على الحد من السلوكيات المنحرفة والجريمة، حيث أكدت تقارير الأمم المتحدة أن إدماج الشباب في برامج رياضية مخططة يساهم في خفض معدلات الجريمة بنسبة تتراوح بين 30 و40% في المناطق المستهدفة، كما أن برامج الرياضة الموجهة لتحقيق التماسك الاجتماعي قللت الميل نحو التطرف بنسبة تصل إلى 20%، وهذه الأرقام تؤكد أن الرياضة ليست ترفًا، بل ضرورة أمنية ومجتمعية.
كما أن رياضة كمال الأجسام تفتح أبوابًا واسعة لفرص العمل، حيث تشير بيانات ميدانية إلى أن 45% من الشباب الذين خضعوا لتدريب احترافي في هذا المجال تمكنوا من تأسيس مشاريعهم الخاصة أو العمل كمدربين معتمدين.
هذا التحول من متدرب إلى منتج ومصدر دخل، يقلل من البطالة، ويعزز الاقتصاد الوطني، ويخلق قدوة حسنة للأجيال القادمة.
لكن الصورة لا تخلو من التحديات، وفي مقدمتها تعاطي المنشطات الذي يمثل خطرًا داهمًا، حيث تشير تقارير المعهد الوطني الأمريكي لتعاطي المخدرات إلى أن ما بين 25 و30% من الشباب في كمال الأجسام جربوا الستيرويدات مرة واحدة على الأقل، وهو ما يفرض على الدولة والمجتمع وضع آليات صارمة للرقابة والتوعية.
كما أن غياب الإشراف في بعض النوادي قد يفتح الباب أمام استغلالها في أغراض غير نبيلة، وهو ما يستدعي ربط هذه المراكز ببرامج وطنية معتمدة وتحت إشراف مختصين.

إن توظيف الرياضة ضمن إستراتيجية شاملة يتطلب تكامل الجهود بين الوزارات المعنية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، لتشمل وضع أهداف واضحة مثل تدريب ألف مدرب معتمد خلال العامين المقبلين، وتوسيع مشاركة أكثر من خمسة آلاف شاب في بطولات وأنشطة سنوية وغيرها، حتى نتمكن من تحول الرياضة من نشاط فردي إلى منظومة متكاملة تسهم في حماية الشباب، وتحصين المجتمع، وتعزيز قوة الدولة.
وعلينا أن ندرك أن الاستثمار في الرياضة، وخصوصًا كمال الأجسام، هو استثمار في مستقبل الوطن، لأنها مدرسة لتعليم الانضباط، ومنصة لصقل القدرات، ودرع واقٍ ضد الجريمة والانحراف.