
قرار حكيم من وزارة الأوقاف أعاد الأمل إلى قلوب عدد من الأئمة، بعد أن وجّه معالي الدكتور أسامة الأزهري بعودتهم إلى مديرياتهم الأصلية لمباشرة مهامهم في مساجد أخرى، إثر نقلهم في وقت سابق بسبب مخالفة إدارية تتعلق بسفرهم لأداء فريضة الحج.
المشهد لم يكن مجرد إجراء إداري؛ بل لوحة إنسانية تحمل أبعادًا أعمق من النصوص الجامدة.
القرار جسّد توازنًا فريدًا بين مقتضيات الانضباط المؤسسي وروح الرحمة، وأكد أن الإدارة الناجحة هي التي تُدير بعقل المقاصد قبل الحروف، وبحكمة المصلحة قبل حدة العقوبة.
في أروقة الوزارة، كان صدى القرار واضحًا، فرصة جديدة تُمنح لمن أخطأ، لكن دون أن يُلغى أثر القاعدة أو تُمس هيبة المؤسسة، فالأئمة العائدون استأنفوا عملهم في مساجد جديدة، حاملين معهم تجربة تعزز التزامهم وتزيد من عطائهم، تحت مظلة قيادة ترى أن الإصلاح أولى من الإقصاء، والاحتواء أرقى من التشدد.
لقد أثبت وزير الأوقاف، بعلمه الأزهري الراسخ ورؤيته الإدارية الراقية، أن القيادة الحقيقية تملك القدرة على الجمع بين هيبة المنصب وتواضع العالم، بين قوة القرار ورقّة الشعور، فالمؤسسة الدينية، في ظل هذه الرؤية، ليست ساحة للعقاب بل بيتًا كبيرًا يضم أبناءه، حتى وإن زلت أقدامهم، لتعيدهم أكثر وعيًا وإخلاصًا.
هذا القرار يبعث برسالة أمل إلى كل المؤسسات، أن العدل لا يعني القسوة، وأن حفظ الكرامة الإنسانية لا يتعارض مع تطبيق القوانين، إنها فلسفة إدارية قوامها الحزم حين يلزم الأمر، والرحمة حين تجبر القلوب، وهي ذاتها الروح التي تحتاجها بيوت الله حتى تظل منابر للوسطية والتجديد.
وفي النهاية، يظل هذا الموقف شاهدًا على أن القيادة الواعية تصنع الفارق، وأن القرارات التي تمزج بين الانضباط والرحمة تبقى محفورة في ذاكرة الناس، ملهمة لمن يسيرون على ذات الدرب، ومؤكدة أن خدمة الدين والوطن تبدأ من احترام الإنسان وصيانة كرامته.