لم يكن مشهد التظاهر أمام السفارة المصرية في تل أبيب مجرد عبث سياسي عابر، بل كان حلقة جديدة في مسلسل الخيانة والارتزاق الذي تتقنه جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وأذرعها الممتدة خارج حدود مصر.
فحين يتقدم أحد أفرع الجماعة في الداخل الفلسطيني بطلب رسمي إلى الحكومة الإسرائيلية للتظاهر ضد مصر، ويُرحّب به الاحتلال، بل ويتستر على الجهة المنظمة، فإننا أمام اصطفاف صريح إلى جانب العدو، وخنجر مسموم في خاصرة الدولة التي لم تبخل يومًا في الدفاع عن القضية الفلسطينية.
لقد فضح الإعلام الإسرائيلي نفسه تفاصيل الفضيحة والتصريح الرسمي الصادر من الحكومة الإسرائيلية، الذي سمح لتلك التيارات الإسلامية المتطرفة بالتظاهر أمام السفارة المصرية في تل أبيب، بحجج كاذبة ومطالب مشبوهة، هدفها الوحيد هو الإساءة للدور المصري، وتشويه موقف القاهرة المبدئي من العدوان على غزة.
والأخطر من ذلك أن السلطات الإسرائيلية، التي لا تفعل شيئًا مجانًا، تعمّدت إخفاء اسم الجهة المنظمة من صفحة الشرطة الإسرائيلية الرسمية، في تواطؤ فاضح يكشف حجم التنسيق والتفاهم بين الجماعة الإرهابية والاحتلال، ضد الدولة المصرية.
المفارقة المؤلمة أن هؤلاء المرتزقة، ممن باعوا الدين والوطن، خرجوا بزعم الدفاع عن غزة، وهم في الوقت ذاته يشكرون من يقتل أهلها، ويتظاهرون بإذن من سلطات الاحتلال!
فهل الدفاع عن الفلسطينيين يكون من شوارع تل أبيب؟ وهل نصرة غزة تمر عبر تشويه مصر وتزييف مواقفها؟
إن من يزايد على القاهرة اليوم، هو ذاته من خذلها بالأمس، وتآمر عليها في الداخل، وحرض ضد جيشها وشعبها ومؤسساتها، ثم فرّ هاربًا ليخدم أجندات معادية في الخارج، متنقلًا بين استوديوهات التحريض، ومنصات التمويل، وشوارع الخيانة.
إن مصر ـ التي دفعت آلاف الشهداء من أجل القضية الفلسطينية، وفتحت معابرها رغم المخاطر، وسعت لوقف إطلاق النار منذ اللحظة الأولى، وما زالت تقود مسارات التهدئة والمساعدات ـ لا تنتظر شهادة من عملاء أو تنظيمات إرهابية.
وما يفعله الإخوان ومن والاهم، من تزييف للوعي، وبث للفتنة، وتخوين للدولة المصرية، ليس جديدًا. فقد اعتادوا أن يقفوا دائمًا على الجهة المعاكسة للوطن، يعتاشون على الكراهية، ويقتاتون على الكذب،
ويحلمون بعودة ماضيهم الأسود الذي لفظه الشعب في ثورة يونيو المجيدة.
إن رسالة هذا المشهد واضحة: الإخوان ليسوا جزءًا من النسيج الوطني، ولا من محور المقاومة، بل هم أداة مستأجرة تعمل لحساب قوى خارجية، وتنفذ مخططًا هدفه ضرب استقرار مصر، وتشويه صورتها، واستنزاف دورها الإقليمي.
أما الصحيفة العبرية “هاآرتس”، التي سارعت إلى الاحتفاء بالمظاهرة المشبوهة، فقد كشفت بوقاحتها وجهًا آخر من وجوه الحرب الإعلامية على مصر، وهي تروّج لأكاذيب المتظاهرين الذين زعموا أن مصر تُشارك في حصار غزة، في تجاهل متعمد لكل الحقائق التي توثّق مئات القوافل الإنسانية، والجهود المصرية الدؤوبة في وقف المجازر ودعم الحلول السياسية.
هؤلاء لا يملكون ذرة من الوطنية، ولا يعرفون معنى السيادة، ولا يحترمون التاريخ، ولا يقدرون تضحيات الجيش المصري الذي قدّم دماء أبنائه في معارك الشرف دفاعًا عن فلسطين.
هم أدوات رخيصة في يد الاحتلال، وإن لبسوا عباءة المقاومة، وهم مجرد واجهة لخدمة مشروع أكبر يستهدف تمزيق الأمة العربية، وتفكيك مؤسسات الدولة الوطنية، بدءًا من مصر.
وختامًا، فإن حب الوطن ليس شعارًا يُرفع وقت المصالح، ولا موقفًا انتقائيًا يُباع في الأسواق.
حب الوطن هو وقوف إلى جانبه في معاركه المصيرية، هو الانحياز إلى الحقيقة لا إلى الشعارات، هو الدفاع عن قراره السيادي، وعن شرفه، وعن مؤسساته.
ومصر ستبقى رغم أنوف الخونة، قلب العروبة النابض، ودرعها الصلب، ولن تنال منها لا مؤامرات الإخوان، ولا أبواق الخارج، ولا إعلام العدو. فالوطن باقٍ.. والمرتزقة زائلون.