
سفاح المعمورة… ليس لقبًا دراميًا، بل هو الحقيقة المرعبة لرجل ارتكب ثلاث جرائم قتل بدم بارد، ثلاث جرائم لا يجمعها سوى خيط واحد: الطمع، والخيانة، وانعدام الإنسانية.
ففي إحدى زوايا مدينة الإسكندرية، كانت الحياة تسير بإيقاعها المعتاد، إلى أن خرج من الظل رجل يحمل لقب "محامٍ" لكنه في الواقع كان يرتدي قناعًا لشيطان يتقن الخداع، ويتغذى على الثقة، ويتقن القتل ببراعة مروعة.
سفاح المعمورة: البداية من الثقة والنهاية في القبر
كانت الجريمة الأولى بداية انحدار حاد في هاوية لا قرار لها، محمد إبراهيم، المهندس الشاب، لم يكن يتخيل حين طرق باب مكتب المحامي في شارع 45 بالعصافرة، أنه يطرق باب موته.
أراد أن يوكل له بعض الأمور العقارية، فوثق فيه، وصادقه، وشاركه أسرارًا ومشروعات، فأعد له السفاح خطة دقيقة: أوهمه بسفر وزواج، ثم قتله ودفنه داخل شقة تحوّلت إلى قبر صامت. ليس لسببٍ سوى أنه رأى فيه صيدًا ثمينًا.
الضحية الثانية: شريكة الحياة التي أصبحت عدوة اللحظة
في جريمة لا تقل بشاعة، نفذ القاتل جريمته الثانية في مكتبه الجديد بمنطقة المعمورة. الزوجة، التي كانت تعرفه كما لا يعرفه أحد، دخلت في خلافات زوجية معه. وربما كانت تعلم ما لا يجب أن يُقال، أو ربما فقط طالبته بالحقيقة.
لكنه لم يتحمل صوتها ولا وجودها. قرر التخلص منها، لا بالطلاق، ولا بالهجر، بل بالخنق والقتل والمحو من الحياة. القاتل هنا لم يواجه امرأة، بل واجه مرآته، فحطمها كما يحطم كل من يقترب من حقيقته.
الضحية الثالثة: موكلة طالبت بحقها فكان الموت هو الرد
جريمة ثالثة أكدت أن هذا الرجل لا يملك ذرة من ضمير، موكلة سلّمته أموالها، ثم طالبته باستردادها بعد مماطلة، فما كان منه إلا أن خطط لإنهاء حياتها. لم يسرقها فقط، بل قتلها ليمنعها من قول الحقيقة.
وكأن الحل الوحيد الذي يراه دائمًا هو القتل… وكأن الدماء هي طريقه الوحيد للهروب.
وبعد سلسلة الجرائم التي هزّت الشارع المصري، قضت محكمة جنايات الإسكندرية بإعدام المتهم، لتنتهي بذلك أولى فصول العدالة. لكن أمامه فرصة للاستئناف، وثلاثة سيناريوهات لا رابع لها:
تأييد حكم الإعدام، وهو السيناريو الأقرب لما اقترفته يداه.
تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد، وهو خيار سيترك جرحًا في الضمير المجتمعي.
البراءة أو نقض الحكم لأسباب شكلية، وهو احتمال قاتل لثقة المواطنين في العدالة.
سفاح المعمورة ليس مجرد قاتل… بل علامة استفهام كبيرة
القضية ليست فقط عن جرائم فرد، بل عن سؤال مجتمعي حاد: كيف تسلل هذا السفاح إلى صفوف أصحاب المهنة النبيلة؟ أين كانت الرقابة؟ هل انكسرت المعايير حتى صار القاتل محاميًا، والمجرم موضع ثقة، والضحية دائمًا من يصدق ويأمن ويحب؟
إن سفاح المعمورة ليس قصة رعب خيالية، بل هو تذكير مرعب بأن الإنسان يمكن أن يتحول إلى وحش إذا مات ضميره.
القانون سيحكم، لكن المجتمع يجب أن يتأمل، ويحمي نفسه، ويعيد ترميم ثقته بميزان العدالة، وبالمؤسسات، وبنفسه.
المطلوب الآن ليس فقط العقاب، بل وقفة مجتمعية صادقة: لم يعد يكفي أن نُدين الجريمة، بل يجب أن نغلق الأبواب التي تفتح طريقها.