الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
الايام المصرية

في مشهد لا يحتمله قلب، ولا تصفه كلمات، وفي ريف مصر الصابر، ببلدة “ديرمواس” الهادئة بمحافظة المنيا، وقعت فاجعة إنسانية تهز الوجدان وتوجع الضمير… ستة أطفال أشقاء، طيور جنة، خُطفت أرواحهم الغضة من حضن الحياة فجأة، تبعهم والدهم المفجوع، وكأن قلبه لم يحتمل ما رأت عيناه من مشهد لا يتكرر إلا في كوابيس الليل.
أجساد صغيرة وأرواح نقية رحلت فجأة، دون وداع.

بحسب بيان النيابة العامة، بدأت القصة حين ظهرت أعراض مرضية غريبة ومتشابهة على الأطفال الستة: قئ، إسهال، تشنجات، واضطراب في الوعي… ثم، بلا مقدمات، توقفت قلوبهم الصغيرة، واحداً تلو الآخر. المستشفى لم يستطع إنقاذهم، والعجز أمام صراخ الأمهات كان أقسى من الموت ذاته. ومما زاد الأمر حزناً، أن الوالد، الذي لم يصدق ما حل بأبنائه، فارق الحياة لاحقاً، بعد أن ظهرت عليه نفس الأعراض… وكأن الحزن استنزف روحه، فتبعهم إلى هناك، إلى حيث لا وجع ولا مرض ولا دموع.

النيابة العامة باشرت التحقيق، تحاول أن تفهم: كيف يرحل بيت كامل دفعة واحدة؟

بدأت بإجراءات الفحص والمعاينة، استمعت لشهادات ذوي الأطفال، كما استمعت لشهادات طبية، وانتقلت إلى محل إقامة الأسرة، وقررت تشريح الجثامين لبيان السبب، ووضعت في الحسبان كل الاحتمالات، بما في ذلك التسمم أو المواد السامة أو الأمراض المعدية. لكن المفاجأة جاءت من معامل وزارة الصحة والطب الشرعي: العينات تحتوي على مادة من النباتات السُمية… ربما كانت مادة أُعطيت عن غير قصد، أو طعامًا ملوثًا، أو شيئًا دسّه القدر بغير رحمة.

هل كان موتًا قدره الجهل؟ أم تسميمًا سببه الإهمال؟ أم فاجعة لم تكتمل فصولها بعد؟
في كل الأحوال، لم يكن مجرد موت، بل زلزال إنساني يصرخ: راقبوا ما يأكل أطفالكم، انتبهوا لما يُزرع حول بيوتكم، لا تهملوا العلم، ولا تتغافلوا عن الوقاية.
ففي كل بيت فقد طفلاً، تعرف تمامًا أن صورة لعبته ستبقى على الرف، أن وسادته ستظل مبللة بدموع الأم، وأن ضحكته ستبقى تملأ الجدران صدى دون صوت. فكيف إذا كان البيت كله قد غاب؟!
هذه ليست مجرد مأساة عابرة تُطوى صفحتها بالتحقيقات، بل نداء حياة، وصرخة إنذار، بأن أبناءنا ليسوا مجرد أرقام في نشرات الأخبار. 
هم أرواح أمانة، والرحمة أول واجبات الدولة والمجتمع والعلم والضمير.
وحتى يصدر بيان النيابة النهائي، وحتى يُكشف المستور… يبقى لنا أن نرفع الأكف بالدعاء، ونرجو من الله أن يرحم من رحلوا، ويصبر من بقوا.
اللهم اجعل قبورهم نورًا، واربط على قلب أمهم الذي لم يعد يعرف للفرح طريقًا.

بيان النيابة العامة بشأن حادث دير مواس المنيا
تم نسخ الرابط