ليس لها ترياق، ما هي المادة السامة وراء مقتل أب وأبنائه الـ6 في المنيا؟

ما هي المادة السامة وراء مقتل أب وأبنائه الـ6 في المنيا، بعد نحو أكثر من أسبوعين من اليأس لمعرفة سبب وفاة 6 أطفال في المنيا، تم الكشف مؤخرًا عن أن مبيد الكلورفينابير يقف وراء هذه المأساة، فما هو وما هي أعراضه؟
كان المئات من أهالي قرية دلجا التابعة، شيعوا مساء الجمعة، جثمان ناصر محمد على، والد أطفال المنيا الستة، والذين توفوا في القرية التابعة لمركز ديرمواس على مدار الأسبوعين الأخيرين.

وتوفى الأب بعد 3 أيام فقط من وفاة آخر أبنائه الطفلة «فرحة»، إذ فتح قبر الأسرة المكلومة للمرة السابعة في غضون 14 يومًا.
وكان ناصر محمد على، نُقل إلى مستشفى أسيوط الجامعي، الأسبوع الماضي، بعد تدهور حالته الصحية في مستشفى المنيا، إذ كان يتلقى العلاج عقب وفاة أطفاله الستة تباعًا في واقعة غامضة، بدأت بعض تفاصيلها في الانكشاف.
مادة سامة ليس لها ترياق.. كواليس مأساة عائلة دلجا
فقد استنتج عدد من الأطباء المشرفين على ضحايا المنيا، أن الأعراض التي ظهرت على الأطفال، وكذلك على والدهم، تتطابق مع التسمم بـ مبيد لمقاومة الآفات الزراعية يسمى «كلورفينابير- Chlorfenapyr».
ووفق ما نشر مؤخرًا فإن هذا الاستنتاج جاء بعد مشاورات مكثفة مع خبراء السموم في جامعتي الإسكندرية وعين شمس، ومقارنة الحالة بحالات نادرة سابقة.

وبيّن الأطباء المشرفين في استنتاجاتهم، أن واحدة من أكبر تحديات قضية أطفال المنيا كانت عدم القدرة على كشف المادة السامة في التحاليل المخبرية التقليدية للدم، وهو ما يتماشى مع خصائص مادة «كلورفينابير- Chlorfenapyr».
أما أغرب ما توصل إليه الأطباء هو أن هذه المادة ليست لها علاج أو ترياق، مثل «قرص الغلة»، مشيرين إلى أن نصف جرام يكفي لقتل الإنسان البالغ، إلا أن الأعراض قد لا تظهر إلا بعد عدة ساعات أو أيام، حسب كل جسم وقوة تحمله وطريقة تفاعلاته.
ما هو الكلورفينابير؟
الكلورفينابير (Chlorfenapyr) هو مبيد حشري وعناكبي ينتمي إلى فئة مركبات البيرول. يُعرف بآلية عمله الفريدة وفعاليته ضد الآفات التي طورت مقاومة للمبيدات الحشرية التقليدية.

لا يعمل الكلورفينابير كمبيد حشري مباشر، بل هو "مبيد أولي" (pro-insecticide). هذا يعني أنه يتحول داخل جسم الحشرة المستهدفة إلى مركب نشط (CL303268). يقوم هذا المركب النشط بتعطيل عملية الفسفرة التأكسدية في الميتوكوندريا، وهي العملية المسؤولة عن إنتاج الطاقة (ATP) في الخلايا. يؤدي هذا التعطيل إلى استنزاف طاقة الحشرة، مما يسبب الشلل والموت في النهاية.
أعراض التسمم بالكلورفينابير:
تتميز أعراض التسمم بالكلورفينابير بوجود "فترة كمون" (latent period) قد تمتد من ساعات إلى عدة أيام (حتى 14 يومًا) بعد التعرض قبل ظهور الأعراض الشديدة، مما قد يعطي إحساسًا خاطئًا بالسلامة.
تشمل الأعراض الشائعة للتسمم بالكلورفينابير:
أعراض مبكرة (قد تظهر في الأيام الأولى):
غثيان وقيء
إسهال
آلام في البطن
إرهاق عام
شعور بالحرارة والتعرق الشديد (Diaphoresis)
اضطرابات في الرؤية، مثل عدم وضوح الرؤية.
صداع ودوخة
أعراض متأخرة وشديدة (غالباً ما تظهر بعد عدة أيام وتدل على تدهور الحالة):
حمى شديدة وارتفاع في درجة حرارة الجسم (Hyperthermia): تعتبر علامة خطيرة جداً وتترافق مع سوء التشخيص.
تغيرات في الحالة العقلية: مثل الارتباك، الهيجان، فقدان الوعي، الهذيان.
مشاكل عصبية: مثل الشلل، التشنجات، الرعشة، ضعف العضلات، اعتلال الأعصاب البصرية.
فشل الجهاز التنفسي: صعوبة في التنفس، ضيق في التنفس، تسارع في التنفس.
مشاكل في القلب والدورة الدموية: تسارع ضربات القلب (Tachycardia)، انخفاض ضغط الدم، عدم انتظام ضربات القلب، وقد يؤدي إلى توقف القلب.
انحلال الربيدات (Rhabdomyolysis): انهيار الألياف العضلية، مما يؤدي إلى إطلاق مواد ضارة في مجرى الدم يمكن أن تسبب تلف الكلى.
التهاب البنكرياس (Pancreatitis).
تلف الكلى والكبد.
الخطورة:
يُصنّف الكلورفينابير كمبيد حشري ذي سمية متوسطة، ولكن حالات التسمم البشري به، خاصة عند الابتلاع، يمكن أن تكون مميتة. معدلات الوفيات المبلغ عنها في حالات التسمم الشديد مرتفعة، ولا يوجد ترياق (مضاد سم) محدد للكلورفينابير، والعلاج يعتمد بشكل أساسي على الرعاية الداعمة.
اقرأ أيضًا:
لحق بأطفاله، وفاة الناجي الوحيد من “مأساة دلجا” داخل مستشفى أسيوط الجامعي