انتخابات مجلس الشيوخ 2025 محطة سياسية جديدة تؤكد حضور المرأة المصرية في المشهد الوطني، وتجسد امتدادًا طبيعياً لمسيرتها النضالية الطويلة في الحياة العامة، حيث فرضت حضورها في مختلف المجالات الثقافية، النيابية، والإدارية، وصولاً إلى المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية وصناعة القرار.
لقد كانت المرأة المصرية – منذ مطلع القرن العشرين – عنصرًا فاعلاً في تحولات المجتمع، بدءًا من مشاركتها في ثورة 1919، حين خرجت السيدات المصريات بقيادة هدى شعراوي يهتفن من أجل الاستقلال، ثم تطور دورها بشكل متسارع، فنالت حقوقها السياسية، وتقلدت المناصب العامة، وأصبحت وزيرة ومحافظة وسفيرة، وشاركت بقوة في كافة الاستحقاقات الدستورية.
في الانتخابات التشريعية والشيوخ والمحليات، سجلت المرأة حضورًا مشرفًا، فقد عززت دساتير مصر المتعاقبة من تمكينها، وأقرت تخصيص نسب تمثيل ملزمة لها، ما جعلها تشارك ليس فقط كناخبة، بل كصاحبة قرار وصانعة سياسات عامة.
لم تكن تلك المشاركة شكلية، بل أثبتت كفاءتها وجدارتها في العمل البرلماني من خلال تشريعات نوعية، ومواقف وطنية تُمثل صوت المواطن والمرأة والأسرة المصرية.
وفي انتخابات مجلس الشيوخ الجارية، تبرز أسماء نسائية قادرة على قيادة ملفات مهمة، والمساهمة في صنع السياسات العامة والتشريعات الاستشارية، بما يعكس الرؤية الجديدة للدولة المصرية التي تسعى إلى ترسيخ قيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين.
كما أن الحضور النسائي في مجلس الشيوخ لا ينفصل عن دور المرأة في الإدارة المحلية، حيث أثبتت قدرتها على إدارة الملفات الخدمية والتنموية من مواقعها التنفيذية، سواء في رئاسة المدن والمراكز أو المحافظات أو المجالس الشعبية المحلية. وقد أظهرت التجارب أن إشراك المرأة في صنع القرار المحلي يساهم في تحسين جودة الخدمات وتحقيق التنمية المستدامة.
تعكس انتخابات الشيوخ 2025، في مضمونها، إدراكًا مجتمعيًا وسياسيًا متزايدًا لأهمية دور المرأة في بناء الوطن. فهي لم تعد مجرد رمز أو مكمل للعمل السياسي، بل شريك حقيقي وركن أساسي في بناء الجمهورية الجديدة.
إن تمكين المرأة سياسيًا هو شهادة حية على وعي المصريين، وتطور تجربتهم الديمقراطية، وتأكيد على أن نهوض المجتمعات لا يتحقق دون مشاركة عادلة وفعالة للمرأة في كل مراحل التخطيط واتخاذ القرار.
وفاء مؤمن