الأربعاء 23 يوليو 2025
الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

السينما المصرية و23 يوليو، كيف أصبحت الشاشة مرآة للثورة وتحولاتها؟

السينما المصرية وثورة
السينما المصرية وثورة يوليو

لم تكن ثورة 23 يوليو 1952 مجرد تحول سياسي في تاريخ مصر، بل لحظة فارقة في وعي المجتمع، وولادة جديدة لوطن قرر أن يكسر قيود الماضي ويسترد كرامته.

وفي قلب هذا التحول، لم تقف السينما المصرية على الهامش، بل شاركت بفاعلية في رصد أحداث الثورة وتوثيق أثرها، حتى أصبحت بمثابة أرشيف بصري لتلك المرحلة المفصلية.

فرغم الانتقادات التي وجهت  إلى قلة الأعمال التي تناولت الثورة بشكل مباشر، فإن العديد من الأفلام استطاعت أن تخلدها، سواء من خلال التطرق إلى سياقها السياسي أو التعبير عن طموحاتها الاجتماعية، لا سيما في فترة الستينيات التي شهدت نضجًا فنيًا ملحوظًا.

السينما المصرية وثورة يوليو، كيف أصبحت الشاشة مرآة للثورة وتحولاتها؟

السينما توثق الثورة.. أفلام صنعت ذاكرة وطن

رد قلبي (1957).. الحب الذي فجر الثورة

يعتبر فيلم رد قلبي واحدًا من أبرز الأعمال التي عبرت عن جوهر الثورة من خلال قصة حب غير متكافئة طبقيًا بين "علي" ابن البستاني، و"إنجي" ابنة الباشا. مع اندلاع ثورة يوليو، تنهار الحواجز الطبقية، ويتحول الحب إلى رمز للتحرر والعدالة الاجتماعية، في مشهد يختصر طموحات المصريين آنذاك، الفيلم حظي بمكانة مرموقة ضمن قائمة أفضل 100 فيلم مصري، محتلاً المركز الثالث عشر في استفتاء النقاد عام 1996.

الله معنا (1955).. الصوت الأول للثورة على الشاشة

رغم إنجازه مبكرًا، تأخر عرض فيلم الله معنا بسبب جرأته في طرح قضية فساد النظام الملكي وصراحته في الإشارة إلى شخصيات لا تزال فاعلة في المشهد السياسي آنذاك، و يقدم الفيلم قصة الضابط "أحمد جمال الدين" الذي ينضم إلى تنظيم الضباط الأحرار بعد أن يصطدم بفساد المؤسسة العسكرية خلال حرب فلسطين. العنوان جاء ساخرًا من نقش "الله معنا" على سيف الملك فاروق، في دلالة على من يقف الله معهم فعلًا: الثوار لا الطغاة.

في بيتنا رجل (1961).. التمرد قبل الانفجار

يجسد الفيلم مناخ التمرد الذي سبق الثورة، من خلال شخصية "إبراهيم حمدي" التي يؤديها عمر الشريف، الهارب من بطش البوليس السياسي يجد مأوى في بيت بسيط، ليصبح وجوده مصدر قلق وصراع داخلي لأفراد الأسرة، العمل لا يتناول الثورة بشكل مباشر، بل يرصد نضوج الوعي الشعبي الذي مهّد لها.

اقرأ أيضًا

السيسي: شرارة ثورة يوليو نقطة تحول في مسيرة الوطن أضاءت مشاعل التحرر بدول العالم الثالث
 

الداخلية تقرر زيارة استثنائية للمساجين بمناسبة ثورة 23 يوليو

 

القوات المسلحة تهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة الاحتفال بذكرى ثورة 23 يوليو

 

الباب المفتوح (1963).. تحرر المرأة بظل تحرر الوطن

الفيلم المأخوذ عن رواية لطيفة الزيات، ومن بطولة فاتن حمامة، يعكس تلازم النضال الوطني مع النضال النسوي، البطلة تتحدى القيود الاجتماعية وتشارك في الحراك السياسي، في إسقاط واضح على المناخ الثوري الذي سمح للمرأة بالخروج من عباءة الصمت والمطالبة بمكانتها في المجتمع الجديد.

القاهرة 30 (1966).. بانوراما للفساد قبل الثورة

من خلال رواية نجيب محفوظ، يصوّر الفيلم المجتمع المصري الملكي في أقصى درجات التدهور الطبقي والانتهازية، شخصية "محجوب عبد الدايم" تجسد الفقر الذي يدفع إلى التفريط في المبادئ، بينما يرمز "علي طه" إلى صوت التغيير القادم، الفيلم لا يعرض الثورة، لكنه يكشف أسباب اندلاعها.

غروب وشروق (1970).. نهاية النظام من الداخل

عبر قصة عائلة ضابط في البوليس السياسي، يقدم الفيلم تشريحًا دراميًا لانهيار الدولة الملكية من الداخل، الفساد والعلاقات الشاذة وانعدام القيم، كلها مؤشرات على لحظة السقوط التي سبقت ميلاد الثورة، في فيلم يعتبر من أفضل إنتاجات كمال الشيخ.

ناصر 56 (1996).. قرار تأميم غيّر العالم

في واحدة من أروع تجسيداته، يقدم أحمد زكي شخصية جمال عبد الناصر في لحظة اتخاذ قرار تأميم قناة السويس، والتي عكست إرث الثورة وجوهرها في مقاومة الاستعمار والتمسك بالسيادة الوطنية، الفيلم يعكس كيف أصبح عبد الناصر مرآة لثورة يوليو في الداخل والخارج.

جمال عبد الناصر (1999).. رحلة الضابط إلى الزعيم

بأداء خالد الصاوي، يستعرض الفيلم المحطات الرئيسية في حياة عبد الناصر، من نشأته العسكرية حتى قيادته لمصر، يسلط الضوء على دوافعه الإنسانية والسياسية، ويظهر الثورة كمسار نضوج شخصي وجماعي، لا مجرد انقلاب عسكري.

أيام السادات (2001).. من الثورة إلى الرئاسة

يسرد الفيلم مسيرة أنور السادات، أحد رموز يوليو، من طفولته وحتى توليه حكم مصر، رغم أن الثورة لا تتصدر المشهد، فإنها تظهر كخلفية محورية في تشكيل مسيرته السياسية، الفيلم يربط بين لحظة الانطلاق الثوري والتغيرات الكبرى التي طرأت لاحقًا على شخصية الزعيم.

هل أنصفت السينما ثورة يوليو؟

يمكن القول إن السينما المصرية أدت دورًا محوريًا في رسم ملامح ثورة 23 يوليو، لكنها لم تقدم بعد العمل الفني الشامل الذي يليق بحجم هذا الحدث، ما زالت هناك فجوة بين ضخامة الثورة تاريخيًا، وتجسيدها على الشاشة، فالأعمال التي تناولتها كانت قليلة نسبيًا، وبعضها تعرّض للرقابة أو التأجيل.

لكن في المقابل، استطاعت أفلام مثل رد قلبي وناصر 56 وفي بيتنا رجل أن تخلد الثورة بطريقتها، من خلال شخصيات تتصارع، تحب، تثور وتحلم، حتى غدت ثورة يوليو أقرب إلى "فيلم طويل" تمتد مشاهده عبر الأجيال، وتحمله السينما المصرية في ذاكرتها الحية.

لم تكن ثورة يوليو مجرد حدث في دفتر التاريخ، بل مشروعًا وطنيًا امتد أثره في السياسة، والثقافة، والفنون، ومع كل عمل سينمائي جديد، تتجدد الحكاية وتستمر الشراكة بين الشاشة والوطن، لتبقى السينما مرآة شعب قرر أن يكتب مستقبله بيده.

تم نسخ الرابط