الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

عادوا إلى حيث جاؤوا، إلى ذلك المكان الموحش الذي طالما قهر عتاة الإجرام وأباطرة القهر والطغيان. 

جاءوا من خلف القضبان، يحملون سجلات مثقلة باتهامات خطيرة تمس أمن البلاد واستقرارها، من التخابر مع جهات أجنبية إلى التحريض على العنف ومحاولات اغتيال وتخريب.

حملهم البعض على الأعناق بعد انتخابات مشكوك في نزاهتها، تسللوا إلى سدة الحكم في غفلة من الزمان، ودخلوا القصر الرئاسي وسط حالة من الانقسام الشعبي والغليان السياسي. 

لم يكن "ابن العياط" يومًا يحلم بأن يكون رئيسًا لمصر، كما لم تكن جماعته – التي أثبتت الأيام أنها تنظيم إرهابي بامتياز – تتصور أن تصل إلى قمة السلطة.

كانت تلك الجماعة تسعى إلى الحكم المطلق، لا تستند إلى قيم ولا مبادئ، ولا حتى إلى دين، سوى في شعاراتهم ومناظراتهم. 

هناك كانوا يتفننون في ارتداء الأقنعة وتزييف الحقائق، خادعين البسطاء بكلمات ظاهرها الرحمة وباطنها السعي للتمكين والسيطرة.

وقف محمد مرسي في ميدان التحرير، ميدان الثورة، وقال كلمات أبكت الملايين يومًا: "لا أخشى إلا الله، ولا أطمع في دنياكم، قوموني إن أخطأت وساندوني إن أصبت، وإن اجتمعتم على إقالتي تنحيت".

لكن الحقيقة سرعان ما اتضحت؛ لم تكن تلك الكلمات سوى عبارات جوفاء، خرجت من فم "إخوانجي" اعتاد بيع الكلام وتزيين الوهم.

جماعة لا تعرف سوى الدم طريقًا، ولا ترى في الناس سوى أدوات، تتاجر بالدين وتستبيح كل شيء من أجل السلطة، أتقنوا فنون الكذب وصناعة الفتن، وجندوا شبابًا مخدوعين، يبحثون عن بطولة زائفة، فزجوا بهم في دروب العنف باسم الدين الذي برئ من أفعالهم.

عامٌ واحد فقط قضوه في الحكم، لكنه كان كافيًا لتنكشف الوجوه وتسقط الأقنعة. عاش المصريون خلاله أزمات متلاحقة، وانقسامًا غير مسبوق. 

اختلقوا ثنائية "العشيرة" و"الضالة"، وأرادوا فرض عقيدة الاستبداد والتفرد بالحكم على مجتمع متعدد الفكر والانتماء.

كفر الشعب بسياساتهم بعدما حولوا البلاد إلى "عزبة"، والعباد إلى "أتباع" لا رأي لهم. حتى جاءت لحظة الخلاص، بثورة شعبية حقيقية قادها الرئيس عبد الفتاح السيسي مدعومًا من الجيش الباسل، فأسقطت حكم الطغيان.

هرب البعض منهم في ثياب نساء، وفر آخرون عبر الحدود. لكن ذاكرة المصريين لم تنسِ، ووعيهم لم يغفل. 

واليوم، يطلون علينا من جديد، مطالبين بالتصالح، وعارضين مبالغ مالية طائلة، ووعودًا بالاختفاء من المشهد السياسي لسنوات، مقابل الإفراج عن قادتهم من السجون، بل ووصل الأمر إلى عرض دفع "دية" للحكومة تعويضًا عن الجرائم التي ارتكبوها!

طلبوا الصفح، وتحدثوا عن "وحدة الصف" و"مصلحة الوطن" لكن لم تمر أيام قليلة على هذه الدعوات، حتى أعلنت وزارة الداخلية إحباط مخطط إرهابي جديد لحركة "حسم" التابعة لتنظيم الإخوان، التي كانت تسعى لإعادة إحياء نشاطها المسلح، وتخطيطها لتنفيذ عمليات نوعية تستهدف منشآت أمنية واقتصادية.

وتعود تفاصيل المخطط إلى رصد أمني دقيق لعرض عسكري مصوَّر لحركة "حسم"، نُشر يوم 4 يوليو، يظهر فيه عناصر ملثمة، مركبات دفع رباعي، وتدريبات على السلاح، واختتم المقطع بآية قرآنية: "فانتظروا إني معكم من المنتظرين".

هكذا هم، يدّعون التوبة ويخططون للتخريب، يتحدثون عن الوطن وهم خنجر في خاصرته، وها هي السجون تظل محطتهم الأخيرة، ينتظرون فيها الحساب، لا أمام محاكم الدنيا فحسب، بل أمام رب عادل جبار، لا يغفل ولا ينام.

مجدي صادق

تم نسخ الرابط