محمد عبده.. لمن سيقول بعد النتيجة "حتى أنت يا بروتس"؟

برمز الفنجان، يقتحم محمد عبدالعاطي إمبادر القعيد، الشهير بمحمد عبده، انتخابات مجلس الشيوخ بسوهاج. ولا تتوقف محاولاته عن قراءة الطالع عقب كل زيارة أو جلسة مع ناخبين في أنحاء دائرته. فماذا يقول الطالع؟
يستقبل المرشح الشاب يوميا ابتسامات، ويرسل ابتسامات يوميا. يتلقى تحيات كثيرة، ويمنح إجابات قليلة على أسئلة أقل، قد تدور حول أسباب ترشحه أو رؤيته. أو تتستر خلف أمنيات بالتوفيق. لكن أي من هذه الأسئلة لا يدور حول برنامجه الانتخابي. إذ لا أحد من الناخبين في أنحاء المحافظة بالكامل يسأل مرشحى الشيوخ عن برامج انتخابية. ليس هذا موسم البرامج الانتخابية. ولا هو أيضا مجلسها.
الدافع والجدوى؟
العملية الانتخابية برمتها في انتخابات الشيوخ تبدو لكثير من الناخبين الأن، محاولة لاختبار جدوى الممارسة الديمقراطية وحق الترشح والانتخاب يمارسها مرشح ذو قدرة مالية كبيرة، وناخب صاحب مصلحة مباشرة لا يعرف ما هي. وهي كذلك أكثر من كونها مسرح لمنافسة حيقيقة. عملية تحتمل الخسارة أكثر مما تحتمل الفوز، في ظل سياق يجعل اختيارات الناخبين في حيرة، بعد عملية أولية يجرى فيها اختيار المرشحين وتقديمهم للناخبين من قبل الإحزاب وفق حسابات أخرى.
ربما قرر المرشح محمد عبده خوض المنافسة، بحثا عن مكان بارز تعززه الأرقام قبل انتخابات مجلس الشعب المقبلة، أو بحثا عن موقع مميز على الخريطة السياسية يفرض عليه خوض المنافسة للخروج بحصيلة من غلة الأصوات تساعده في مسيرة قرر أن يبدأها من حيث بدأها راحلون.
لا مبرر لخوض الانتخابات من أجل الخسارة أو كسب صيت إلا إذا كان المرشح محاميا يبحث ذيوع وانتشار، أو طبيبا يبحث عن مرضى لا يحتاجون لروشتة علاج. أو صاحب مال يبحث عما يمكن أن يشريه المال.
في الماضي غير البعيد، وفي دائرة جرجا بالتحديد، كانت بوابة انتخابات "الشورى سابقا"، "الشيوخ حاليا" رغم اختلاف حجم الدوائر وطريقة اختيار الناخبين، وصعوبة المنافسة؛ تدفع بنجوم جدد إلى عالم السياسة. كان منهم في السباق النائب الأبرز المرحوم أشرف البارودي، ومن قبله النائب التاريخي المرحوم محمد أبوالفتوح عصام الدين. قبل أن تخلو الدائرة من بعدهم وأخرين من نجوم جدد يسطع ضوئهم عبر صناديق اقتراع "الشورى أو الشيوخ"، فقط ثمة محاولات جيدة فعلها شباب الأجيال الجديدة في انتخابات الشعب. هل يرغب محمد عبده في أن يكون منهم عبر بوابة صناديق "الشيوخ"؟.. ربما.
المؤكد في هذه الانتخابات، أن عددا لا بأس به من المرشحين المستقلين، يخضون المنافسة في انتخابات "الشيوخ" وعينهم على مجلس الشعب. من هؤلاء في تقدير المتابعين، المرشح محمد عبده.
ووفق هذا السيناريو، هل تنجح شعارات قديمة متجددة، لحشد الناخبين وفقا للولاء والانتماء للمجتمع الذي يقدم شبابه في السباق؟
الدعم أو التخلي أسئلة مطروحة
هل يدعم نجوم السياسة الجدد، من الشباب أو من بقي من قدامي السياسيين المرشح الشاب الجديد، أم ستظل الشكوى من غياب الفاعلين مصحوبة بالبكاء على الماضي ورجاله؟ وهل سيمنعهم طموحهم الشخصي في تصدر المشهد من أن يطيحوا بالمرشح الجديد أثناء السباق قبل أن يصل إلى المرحلة التي لا تراجع بعدها عن الاستمرار؟ هل يرحب المرشحون الشباب ممن يترقبون انتخابات الشعب، بزميلهم الجديد الذي انخرط بالفعل في انتخابات الشيوخ؟
حسبما يقول أحد رموز حملة المرشح محمد عبده "الواقع غير المواقع". لكن ومن زوايا أخرى، ووفق المقولة ذاتها، كثيرون يحذرون من الواقع.إذ لطالما لم يكن الواقع مثاليا. وهو دائما يعج بأصحاب المصلحة، الحالية والمستقبلية.
وكيف يمكن فهم الواقع وهناك من يتربص ومن يدعم، من يعلن ومن يخفي، من فكر ومن لازال يفكر. من لن يمكنه تجاوز فكرة ظهور نجم جديد يسطع، ومن يمنه تجاوز ذلك ودعمه، بحثا عن معنى وقيمة لا صورة ولقطة.
أمراض وساسة
في عالم السياسة أمراض معروفة وسائدة في أوساط السياسيين، أهمها النرجسية. وعلامات مرضية كثيرة أهمها تضخم الذات، وملامح جنون العظمة. هذه الأمراض لا تتطرق إليها بعمق الفحوصات الطبية للمرشحين، لكنها تظهر في تعاملاتهم مع الجميع. في وعودهم وحقيقتها، في أحادثهم عن الأخرين، في قياس مستوى العدالة والإنصاف وتقييم المواقف وفق الصالح العام لا الخاص. في طريقة تفكيرهم، وصدق ابتساماتهم، في الاطمئنان على شكل رابطة العنق أو تهيئة طرف الجلباب أثناء الجلوس على المنصة.. أي منصة. أو الرغبة في تصدر الصورة.. أي صورة. وأيضا في الاهتمام باللقطة أكثر من الحرص على إظهار الود والدعم والمساندة.
مفاجأت بلا سياق، هل تحدث؟
أي مرشح قد ينجح أو لا ينجح وفق سياقات واعتبارات معلومة للجميع، والمفاجآت واردة مع الجميع أيضا. لكن في سياقات معروفة بالتجربة. هذا في الواقع. لكن في المواقع هناك أيضا مخططون ومنفذون. عقول ترسم الخارطة ومرشحون يتموضعون في مواقعهم عليها. وهناك وهذا هو الأهم، الجمهور الذي يضغطه الاحتياج الاقتصادي لا السياسي. كل منهم يعبر عن خبزه أكثر مما يعبر عن رأيه.
لكن في ظل كل هذا، المعنى بالعبر والدروس، هو من يخوضون التجربة، أكثر ممن يشاهدونها. يشاركون فيها أكثر ممن ينتقدونها. وفي الحالة تلك، المعنى هنا هو المرشح الشاب المحترم محمد عبده القعيد. الذي لا أعرف حتى الأن على الأقل لمن سيقول في نهاية السباق "حتى أنت يا بروتس"؟
ولا أعرف أيضا إذا ما كان الصديق الخائن بروتس، عضو مجلس الشيوخ الروماني، الذي شارك في مؤامرة اغتيال يوليوس قيصر، في زمن القيصر، سيقف معه دون توقع فيشكره أم ضده دون توقع فيغدره.