الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
الايام المصرية

في بلد تتكدس فيه الأزمات المرورية، وتشتبك فيه مفاهيم العشوائية بالأمن المجتمعي، لا تزال ظاهرة "التوك توك" تُمثل أحد أكثر القضايا المُلحة التي تؤرق المواطنين والدولة على حد سواء. 

حيث أكدت أخر استطلاعات الرأي أن 93% من المواطنيين يؤيدون مواجهة انحرافات وجرائم ومخالفات قائدي التوك توك والدراجات النارية، وهو مؤشر مقلق يعكس حجم الغضب الشعبي المتصاعد تجاه هذه الظاهرة المتفلتة من الضبط القانوني.

التوك توك

«التوك توك».. من حلّ شعبي إلى صداع وطني

دخل "التوك توك" إلى مصر مطلع الألفية باعتباره وسيلة مواصلات بديلة، غير مكلفة، ومناسبة للأحياء الشعبية والمناطق التي لا تصلها خطوط النقل العام. لكن هذه الوسيلة الصغيرة سرعان ما تحوّلت من مركبة تخدم المواطنين إلى مصدر تهديد مروري وأمني، بعدما خرجت عن السيطرة التنظيمية. 

وتُشير إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى وجود أكثر من 3 ملايين توك توك في الشوارع المصرية، 60% منها غير مرخّص، وغالبًا ما يقودها قُصّر بلا تدريب ولا رخصة قيادة، مما يشكل بيئة خصبة للانفلات.

وهنا لا يمكن فصل استياء المواطنين عن واقع يومي يشهد مخالفات مرورية صادمة، وحوادث دهس، وسير عكس الاتجاه، والتعدي على أرصفة المشاة، إضافة إلى تورط بعض سائقي التوك توك في جرائم السرقة والتحرش وتعاطي المواد المخدرة، وفقًا لتقارير أمنية متكررة. 

وهو ما يفسر هذا التأييد الكاسح في الاستطلاع لتكثيف الحملات الأمنية، باعتباره صرخة مجتمعية ضد الفوضى.

ورغم ما تقوم به الأجهزة المعنية من حملات متفرقة لضبط المركبات المخالفة، إلا أن غياب استراتيجية واضحة وشاملة للتعامل مع التوك توك يُبقي الوضع على حاله، بل وتضاعفت الشكاوى في بعض المناطق من "ميليشيات توك توك" تفرض إتاوات على الطرق الجانبية أو تروّع السكان تحت غطاء العشوائية والتواطؤ أحيانًا.

إن الواضح أن الحل لا يكمن في الحملات الموسمية أو الارتجالية، بل في تبنّي خطة وطنية متعددة المحاور تشمل:

 تقنين شامل وفعّال: عبر إصدار تراخيص إجبارية لكل مركبة وسائق، مع فرض شروط تدريب وتأهيل صارمة.

 بدائل حضارية: كإدخال منظومة "الميني باص الكهربائي" في المناطق التي يخدمها التوك توك حاليًا.

 تشريعات حازمة: تجرّم الاستخدام غير المرخّص وتغلق الورش العشوائية التي تصنّع أو تعدّل هذه المركبات دون رقابة.

 توعية مجتمعية: لترسيخ ثقافة احترام الطريق والمسؤولية القانونية، خاصة لدى فئة المراهقين الذين يقودون التوك توك.

لم تعد قضية التوك توك مجرد أزمة مرورية، بل غدت تحديًا أمنيًا واقتصاديًا وثقافيًا. فإما أن تتحرك الدولة بمنهج متكامل يعيد الانضباط إلى الشارع ويصون حياة المواطن، أو نظل ندور في فلك الفوضى والشكوى المتكررة.

سامي حسني

تم نسخ الرابط