بـ 11.3 مليار دولار، التكامل الاقتصادي بين مصر والسعودية يتحدى التقلبات الدولية

قال الدكتور بلال شعيب، الخبير الاقتصادي، إن الأرقام الصادرة مؤخرًا عن جهاز الإحصاء بشأن حجم التبادل التجاري بين مصر والمملكة العربية السعودية تعكس بوضوح أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول العربية، مشيرًا إلى أن هذا التعاون ضرورة ملحة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية المتسارعة.
وأضاف “شعيب” في مداخلة هاتفية عبر قناة إكسترا نيوز، أن الدول العربية تمتلك قدرات كبيرة، فهي تضم 22 دولة بمساحة جغرافية تقارب 13.4 مليون كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 460 مليون نسمة، مما يجعل من التكامل الاقتصادي العربي فرصة استراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتطوير التجارة البينية، بما يعيد إحياء فكرة السوق العربية المشتركة.

التحولات العالمية تفرض التكتلات الاقتصادية
وأشار شعيب إلى أن العالم يشهد حاليًا حالة من إعادة التشكيل الاقتصادي، حيث تتزايد التكتلات التجارية الكبرى، وتظهر حروب تجارية بين قوى عظمى مثل الولايات المتحدة والصين، مما يفرض على الدول النامية والناشئة التوحد اقتصاديًا لحماية مصالحها.
كما لفت إلى التحديات المتعلقة بالطاقة والتغيرات المناخية، والتي أدت إلى تذبذب كبير في أسعار الوقود، فضلًا عن أزمات الغذاء العالمية، وكلها مؤشرات تستدعي تعزيز التعاون الإقليمي العربي لمواجهة هذه التحديات المشتركة.
العلاقات التجارية بين مصر والسعودية
وفي سياق الحديث عن العلاقات التجارية الثنائية، أكد الدكتور شعيب أن مصر تشكل بوابة استراتيجية للمملكة نحو السوق الإفريقية، في حين تمثل السعودية منفذًا رئيسيًا لمصر نحو الأسواق الآسيوية.
وأشار إلى أن مصر تتميز بموقع جغرافي فريد يربط بين 3 قارات، إلى جانب قربها من السوق الإفريقية التي تضم أكثر من 1.4 مليار نسمة، ما يجعلها نقطة انطلاق مثالية لإعادة تصدير المنتجات السعودية بعد تصنيعها أو تجميعها داخل الأراضي المصرية.
11.3 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين مصر والسعودية
أوضح الدكتور بلال شعيب أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 11.3 مليار دولار، إلا أن النسبة الأكبر منه تأتي في شكل واردات مصرية من السعودية، خاصة في قطاع الطاقة والنفط.
ورأى أن هناك فرصة كبيرة لتحقيق التوازن في الميزان التجاري عبر إعادة تصنيع المواد الأولية داخل مصر، ثم تصديرها للأسواق المجاورة، مما يساهم في رفع القيمة المضافة وتحسين المؤشرات الاقتصادية لكلا البلدين.
اقرأ أيضًا: هل تم وقف الطيران بين مصر والسعودية اليوم 2025؟ متى يعود
سوريا تمنع دخول الشاحنات المصرية والسعودية أراضيها بدء من 20 يوليو
رؤية مشتركة نحو 2030
أكد الدكتور بلال أن كلًا من مصر والسعودية تمتلك رؤى وطنية تنموية طموحة (رؤية مصر 2030، ورؤية السعودية 2030)، وهناك تقاطعات واضحة في أهداف البلدين، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة، والصناعة، والتكنولوجيا، والبنية التحتية.
وأشار إلى أن مصر تطمح لأن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة، وتعمل على توظيف هذه الطاقة في دعم القطاع الصناعي وزيادة التصدير، وهو ما يفتح المجال لتعاون أوسع مع السعودية في هذا الاتجاه.
أبرز القطاعات التصديرية المصرية للسعودية
أوضح الدكتور شعيب عددًا من القطاعات التي تتميز بها مصر في التصدير إلى المملكة، ومن أبرزها:
- الملابس الجاهزة: تعد من أكثر القطاعات تصديرًا بقيمة تجاوزت 202 مليون دولار.
- الحديد والصلب: من القطاعات الواعدة المدرجة ضمن خريطة الفرص الاستثمارية.
- القطاع الزراعي: قطاع محوري يعتمد عليه السوق السعودي، لا سيما في مواسم الحج والعمرة لتلبية الطلب على الفواكه والخضروات.
وأوضح أن القطاع الزراعي في مصر لا يقل أهمية عن القطاع الصناعي، إذ يعمل فيه أكثر من 3.5 مليون شخص، ويمثل ركيزة أساسية في ظل أزمة الغذاء العالمية.

الاستثمارات السعودية وتحويلات المصريين
أشار الخبير الاقتصادي إلى أن الاستثمارات السعودية في مصر تخطت حاجز الـ 26 مليار دولار، مما يعكس الثقة المتبادلة بين الجانبين، ويفتح الباب أمام مزيد من التعاون في قطاعات جديدة، لافتًا إلى أهمية تحويلات المصريين العاملين في السعودية، والتي بلغت أكثر من 8 مليارات دولار سنويًا، مؤكدًا أن هذه التحويلات تعد مصدرًا مهمًا لدعم الاقتصاد المصري، لا سيما وأن عدد المصريين العاملين في المملكة يقدر بنحو 1.1 مليون شخص.
تكامل اقتصادي يحقق الأمن والاستقرار
واختتم الدكتور بلال شعيب حديثه بالتأكيد على أن العلاقات بين مصر والسعودية لا تقتصر على الاقتصاد فقط، بل تمتد لتشمل روابط تاريخية وأخوية وثيقة بين القيادتين والشعبين، داعيًا إلى تعميق الشراكة الاقتصادية بين البلدين في إطار رؤية شاملة للتكامل العربي، تسهم في تحقيق الأمن الاقتصادي والاستقرار الإقليمي في ظل التحديات العالمية الراهنة.