الخميس 17 يوليو 2025
الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

جمال عبد الجواد: النظام الدولي يشهد عملية تغير كبيرة وأمريكا لها رأي أخر

الايام المصرية

قال  الدكتور جمال عبد الجواد، أستاذ العلوم السياسية، إن النظام الدولي يشهد في الوقت الراهن عملية تغيير كبيرة جدًا، مؤكدًا أن أهم ما يميز هذا التغيير هو أن الدولة التي لعبت الدور الأساسي في صياغة النظام الدولي، والتي عشنا في ظله لعقود طويلة، هي نفسها التي بدأت تنقلب عليه، وترى اليوم أنها لم تعد راغبة في استمراره.

وأضاف عبد الجواد أن الولايات المتحدة، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، اختارت طوعًا أن تتحمل دورًا دفاعيًا وقياديًا في عدد من مناطق العالم، وعلى رأسها أوروبا وشرق آسيا والمحيط الهادئ. لكنها اليوم وصلت إلى قناعة مفادها أنها لم تعد قادرة على تحمل تكلفة هذا الدور، وترغب في تغييره.

وأشار إلى أن واشنطن كانت، خلال العقود الماضية، صاحبة دور رئيسي في تأسيس نظام حرية التجارة العالمي، حيث فتحت السوق الأمريكية أمام الدول المصدرة بجمارك منخفضة نسبيًا. لكنها الآن لم تعد قادرة على مواصلة هذا الدور كما في السابق.

كما كانت الولايات المتحدة، بحسب عبد الجواد، الفاعل الأساسي في تأسيس معظم المؤسسات الدولية متعددة الأطراف، ووضعت القواعد المنظمة لعمل هذه المؤسسات، وهو ما ساهم في صياغة شكل النظام الدولي والقانون الدولي، الذي وإن كان دائمًا ضعيفًا وغير ملزم بشكل صارم، إلا أنه كان يمنح طابعًا مؤسسيًا وشبه قانوني للعلاقات الدولية.

عبد الجواد: أمريكا لم تعد قادرة على تحمل النظام الدولي وترى أن الصين استفادت أكثر منها

وأوضح عبد الجواد أن ما يحدث الآن هو أن الولايات المتحدة لم تعد راغبة أو قادرة على تحمل هذه الأعباء، خاصة أنها ترى أن دولًا أخرى استفادت من هذا النظام أكثر منها، وهو أمر واضح من صعود قوة مثل الصين، التي استغلت نظام التجارة الحرة لتحسين وضعها الاقتصادي، وبدأت تسبق الولايات المتحدة في مجالات عديدة.

وأضاف أن دول أوروبا الغربية، التي استفادت من مظلة الحماية الأمريكية، خصصت ميزانيات دفاعية محدودة، ووجهت إنفاقها نحو مجالات الرعاية الاجتماعية والصحة والتعليم. والآن تقول الولايات المتحدة: "كلٌ يتحمل تكلفة الفائدة التي يتمتع بها، وأنا لن أقدم خدمات مجانية مرة أخرى".

وفي هذا السياق، يوضح عبد الجواد أن نظام التجارة الحرة العالمي بدأ يتعرض لضغوط شديدة، خاصة مع فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية على الواردات. كذلك فإن السياسات الدفاعية والعلاقات الاستراتيجية، سواء مع حلف الناتو أو في شرق آسيا، تمر بهزات كبيرة وغير مسبوقة.

وأكد أن هذا يمثل تغيرًا جذريًا في بنية النظام الدولي. لكنه أشار إلى وجود عنصرين إضافيين يزيدان من تعقيد المشهد:

أولًا، نحن بصدد تغير في موازين القوى العالمية، حيث تصعد قوى مثل الصين ودول آسيوية أخرى بسرعة، بينما لم تتراجع الولايات المتحدة بشكل كامل، لكنها لم تعد تحتفظ بالفارق الكبير بينها وبين الآخرين كما كان في السابق. المسافة بين القوى الكبرى تتقلص.

ثانيًا، يتعلق الأمر بشخصية الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يمتاز بأسلوب غير تقليدي وغير معتاد في إدارة الأمور وصنع القرار. ترامب يتصرف بطريقة فيها عشوائية، وتقلب، وصعوبة في التنبؤ، وهو ما أحدث ارتباكًا كبيرًا في العالم.

وشدد عبد الجواد على أن اجتماع هذه العوامل—تحول موازين القوى، وانقلاب الدولة الراعية للنظام الدولي عليه، ووجود رئيس أمريكي بخصائص استثنائية—كلها خلقت زلزالًا فعليًا في النظام الدولي. هذا الواقع الجديد جعل جميع دول العالم تحاول التكيف مع الوضع، وتسعى لفهم كيفية التعامل معه بما يحفظ مصالحها الوطنية ويجنبها الدخول في صدامات غير ضرورية ومكلفة.

واختتم عبد الجواد حديثه قائلًا إن الصدام مع الولايات المتحدة قد يكون أمرًا لا مفر منه في بعض الأحيان، لكن من الذكاء أن يكون ذلك الصدام غير مباشر، أو مؤجل، أو مخفف بقدر الإمكان. واعتبر أن هذا النهج هو الأفضل، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، التي تُعد الأكثر تعرضًا للخضات والتقلبات، وتتأثر أكثر من غيرها بتلك التحولات العالمية.

تم نسخ الرابط