الخميس 17 يوليو 2025
الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
الايام المصرية

في زحام الأزمات المجتمعية وتحديات العصر، تقف رياضة كمال الأجسام شامخة كمنهج حياة، لا مجرد رياضة للعضلات أو استعراض للقوة، بل مدرسة متكاملة في الانضباط، الصبر، الإرادة، والعمل على الذات. 

إنها واحدة من أكثر الرياضات التي تمس جوهر الإنسان قبل ظاهره، وتعيد تشكيل شخصيته من الداخل، وتزرع فيه بذور الصبر والانضباط والثقة بالنفس.

الشباب المصري والعربي، في مراحل عمرية حرجة، يقف في حاجة إلى ما هو أعمق من التوجيه الوعظي أو الشعارات المجتمعية الفضفاضة، إنه بحاجة إلى نماذج عملية تُعلّمه كيف يبني نفسه، ويحترم وقته، ويضع هدفًا أمامه ويسير إليه بخطوات يومية ثابتة. 

وهنا تأتي رياضة كمال الأجسام كوسيلة تربية أكثر من كونها مجرد نشاط بدني.

كمال الأجسام تُعلّم الشاب أن النتائج لا تأتي فجأة، بل تتراكم، وأن لا شيء يُمنح بلا جهد، ولا نجاح دون تعب، إنها تربي فيه روح المثابرة، وتُصقل وعيه الغذائي والصحي، وتُخرجه من عبث الوقت إلى هندسة الوقت، كل من يدخل صالة التدريب بصدق، ويقاوم رغبة الانسحاب والكسل، سيخرج منها يومًا ما وهو أقرب إلى ذاته، وأكثر احترامًا لنفسه.

رياضة كمال الأجسام تحمي جيل الشباب من الأمراض الخطيرة

تشير دراسات طبية حديثة من "Harvard Medical School" إلى أن التمارين المنتظمة، ومنها كمال الأجسام، تُقلل من التوتر بنسبة تصل إلى 35%، وتُحسّن الصحة النفسية لدى الشباب بنسبة 42%. 

ليس ذلك فحسب، بل إن "Mayo Clinic" تؤكد أن التمارين المقاومة تُحسّن صحة العظام بنسبة تفوق 13% خلال عامين وهذا يؤكد أن الجسد حين يُبنى بطريقة سليمة، يتحسن معه الفكر والمزاج والقرارات.

واقتصاديًا، لم تعد كمال الأجسام رياضة هامشية بل أصبحت صناعة متكاملة فبحسب تقرير "IBISWorld 2023"، يتجاوز حجم سوق كمال الأجسام عالميًا نحو 15 مليار دولار سنويًا، وتشهد مصر طفرة في عدد الصالات الرياضية والمراكز المتخصصة التي تجاوزت 10 آلاف صالة، مما يوفر فرص عمل لآلاف المدربين والعاملين في سلاسل إنتاج وتوزيع المكملات الغذائية.

كما أن الشباب المصري ينفق شهريًا في هذه الرياضة ما بين 2000 إلى 5000 جنيه في المتوسط بين اشتراك الصالات، والمكملات، والتغذية الخاصة، وهو ما يعكس حجم الحركة الاقتصادية المتزايدة التي تُحيط بالرياضة، بل وتحركها من الداخل.

ورغم ما تشهده الرياضة من بروز عالمي عبر أبطال مثل "بيغ رامي"، الذي رفع اسم مصر عاليًا في بطولات مستر أولمبيا، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، من أخطرها غياب الوعي في بعض الصالات، وانتشار المنشطات دون رقابة، وتداول مكملات مجهولة المصدر، مما يتطلب تدخلًا رسميًا وتنظيمًا مؤسسيًا لحماية الشباب من جشع السوق وضعف التوعية.

كمال الأجسام ليست مجرد تمارين تُمارَس بين أربعة جدران، بل هي فلسفة يومية تبدأ من الفجر مع نظام غذائي، وتستمر طوال اليوم في جدول نوم صارم، وتنتهي بجرعة إصرار تُجدد كل صباح، إنها رسالة لكل شاب يُريد أن يكون قويًّا بجسده، نقيًّا في دوافعه، منضبطًا في سلوكه.

علينا كمجتمع أن نحتفي بهذه الرياضة لا كمظهر، بل كمضمون، نُعيد تقديمها للأجيال الجديدة كوسيلة تربية وصقل، لا كأداة استعراض، وأن نُدخلها المدارس والجامعات والمراكز المجتمعية، فهي ليست حكرًا على المحترفين، بل من حق كل شاب أن يتعلّم كيف يبني جسده... ليبني وطنه.

الكابتن: فرنس مرجان

مدير منطقة البحر الأحمر لكمال الأجسام 

تم نسخ الرابط