الثلاثاء 15 يوليو 2025
الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
الايام المصرية

قضية الاعتداء على سيدات المنصورة أثارت موجة من الغضب الشعبي والاستنكار العام بعد انتشار مقطع فيديو يوثق لحظة الاعتداء العنيف على سيدة مُسنة وابنتيها داخل مسكنهنّ بمدينة المنصورة. 

الواقعة المؤلمة فتحت بابًا كبيرًا للسؤال عن تآكل القيم، وتجاهل ما أقرّه الشرع من حرمة إيذاء المرأة أو التعدي عليها بأي شكل من أشكال العنف الجسدي أو النفسي.

هذه الجريمة، التي تجاوزت حدود الخلاف القانوني إلى الانحدار الأخلاقي، ليست مجرد حادثة فردية، بل ناقوس خطر يدق على أبواب المجتمع كله، ويستدعي وقفة دينية وقانونية ومجتمعية شاملة، تعيد الاعتبار للمرأة، وتحمي كرامتها، وتُرسّخ في وعي الناس أن الإسلام لا يقر الظلم ولا يسكت عن الإهانة، خصوصًا حين تمسّ من كرّمها الله، ووصّى بها رسوله الكريم.

المرأة في الشريعة الإسلامية مقامٌ عالٍ وحرمةٌ مصونة

الإسلام رفع من شأن المرأة، منذ نزوله، فجعلها شقيقة الرجل في التكليف والمكانة، وأوجب الإحسان إليها في كل موضع. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيرًا" (رواه البخاري ومسلم).

وجعل النبي الكريم معيار الخيرية في الرجل حسن تعامله مع المرأة، فقال: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" (رواه الترمذي).

وقد نهى الله عز وجل عن الظلم والاعتداء، فقال في الحديث القدسي: "يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا" (رواه مسلم).

فما بالك بمن يرفع يده على امرأة ضعيفة أو مُسنة لا تملك القوة للدفاع عن نفسها؟ وما بالك إذا كان هذا الاعتداء يتم داخل بيتها، وفي حضرة بناتها، وعلى مرأى من الأطفال؟

دراسة جديدة: تأثير غير متوقع لدموع النساء على سلوك الرجال!

في مجتمع محافظ كمصر، تشكل الأسرة خط الدفاع الأول للقيم والمرأة، في هذا السياق، ليست فقط فردًا في الأسرة، بل هي عمادها، ومربّية أجيالها، وحامية وجدانها. 

إن الاعتداء على امرأة مسنّة وابنتيها داخل بيتهنّ، وبمشهد جماعي مهين، لا يهدد الأمن الأسري فحسب، بل يهدم ركائز المجتمع بأسره، ويشيع مناخًا من العنف والتجبر والبلطجة.

أين ذهبت أخلاق النخوة، والحياء، والرجولة؟ كيف يتحول الخلاف المدني حول الإيجار إلى سحل وسَبّ وركل وتحرش معنوي بفتاة في بيتها؟ وكيف يُبرر البعض هذا الفعل بحجج قانونية أو دعاوى مختلقة، بينما تنص الشرائع كلها على أن "الحق لا يُنال بالعدوان"، وأن "الخصومة لا تبرر الفجور"؟

إن ما قامت به النيابة العامة من حبس المتهمين هو خطوة قانونية واجبة، تعكس يقظة الدولة في التصدي لمثل هذه الجرائم. 

لكن الواجب الشرعي لا يتوقف عند العقوبة، بل يشمل تجديد الخطاب القيمي والإعلامي والديني حول حرمة إيذاء النساء، وضرورة تكريس ثقافة الاحترام والرحمة، خاصة داخل البيوت، وفي علاقات الجوار.

إننا أمام مسؤولية جماعية:

  •  على الأسرة أن تربي أبناءها على القيم النبوية في معاملة النساء.
  •  على المؤسسات الدينية أن تواصل بيان تحريم العنف ضد المرأة، وتربطه بالخسران الأخروي.
  •  على الإعلام أن يكشف فظاعة هذا الانحطاط السلوكي، لا أن يُحول القضية لمجرد تريند لحظي.
  •  على القانون أن يكون حاسمًا وسريعًا في ردع المعتدين، حتى لا يشعر أحد بأن استباحة كرامة المرأة "ثمنه زهيد".

لقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن "من رأى منكم منكرًا فليغيره"، وهذا الحدث ليس فقط منكرًا بل من أقبح المنكرات ومن واجبنا أن ننصر هذه النساء بالكلمة والموقف، وأن نفضح هذا الاعتداء لا لنزيد من آلام الضحية، بل لنقود موجة وعي تحاصر العنف، وتستأصل جذوره.

وختامًا: المرأة ليست الحلقة الأضعف بل الخط الأحمر، فمن يمد يده على امرأة ضعيفة ظنًا أنه أقوى، هو في الحقيقة أضعف الناس دينًا وخُلقًا ومروءة.

ومن يتهاون في هذا الاعتداء اليوم، يفتح الباب لعنف أوسع غدًا، وعليه فإن الوقوف ضد هذه الجريمة هو واجب شرعي وقيمي وإنساني، قبل أن يكون قانونيًا.

فالدين لا يرضى بالظلم، والمجتمع لا يُبنى بالعنف، والوطن لا يحيا إلا حين تصان فيه كرامة المرأة، وتُحترم فيه إنسانيتها، ويُقتدى فيه بنبيٍّ أوصى بها في خطبته الأخيرة وقال: "اتقوا الله في النساء".

أماي الليثي 

داعية إسلامية

تم نسخ الرابط