الثلاثاء 15 يوليو 2025
الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

تكافل وكرامة مشروع وطني يتجاوز حدود الدعم المادي، ليُعيد رسم ملامح الدولة التي تحتضن أبناءها، وتصغي لآهاتهم، وتربت على أكتاف المنهكين في صمت.

هو قلب الجمهورية الجديدة، النابض بالرحمة لا بالقرارات فقط، وبالإنصاف لا بالشعارات، وبالعدالة التي لا تُقصي أحدًا من أبنائها حين تضيق الحياة.

في وطنٍ عانى طويلًا من أنين الفقراء، وتجاهل الحكومات المتعاقبة لهم، جاء هذا المشروع ليكسر حاجز الصمت، ويمنح صوتًا لمن لم يكن يُسمع، ووجهًا لمن ظلّ في العتمة. 

بزغ "تكافل وكرامة" كضوء أمل في نهاية نفق الفقر والتهميش، ليحمل في طياته رسالة نبيلة: أن الكرامة لا تُمنح كفضل، بل تُستعاد كحق، وأن الوطن الذي نحلم به لا يُبنى إلا إذا حمل الأضعف أولًا.

المشروع لم يكن رقماً في الموازنة، بل كان دفقة حياة في شرايين أسر أنهكها الحرمان، وأطفال كاد الفقر يسرق مستقبلهم، وكبار في السن كانوا يموتون في عزلة لا يلتفت إليها أحد. تكافل وكرامة قال لهم جميعًا: أنتم لستم وحدكم.

إن هذا المشروع الوطني العملاق ليس مجرد إعانة شهرية، بل هو نبض رحيم في جسد الدولة، وضمير يقظ يربط السياسات بالإنسان، ويضع البُعد الأخلاقي في قلب القرار السياسي. 

إنه تعبير صادق عن فلسفة حكم لا ترى التنمية ناطحات سحاب فحسب، بل ترى الوطن في بيت صغير يستر أسرة، ووجبة ساخنة تحفظ كرامة أم، ودواء لا ينقطع عن مريض، ودفتر مدرسة لا يتسرب من يد طفل.

في الجمهورية الجديدة، لم يعد الفقير خفياً، بل أصبح مرئياً في دوائر القرار، له نصيب من الرعاية، ومقعد في قطار التنمية، وكرامة لا تُهدى، بل تُصان.

تكافل وكرامة مشروع يتحدث بلغة القلب قبل بلغة الأرقام، ويروي قصة دولة قررت أن تضع الرحمة في قلب العدالة، وأن تجعل من الكرامة الاجتماعية عنوانًا لعهد جديد لا يترك أحدًا خلفه. 

هو شاهد حي على أن مصر لا تنسى أبناءها مهما اشتدت الأزمات، وأن الدولة القوية ليست تلك التي تبني فقط، بل التي تحمي وتحتوي وتحنو.

تكافل وكرامة مشروع إنساني ينحاز للضعفاء

إن تكافل وكرامة ليس مجرد برنامج للدعم النقدي، بل هو وثيقة أخلاقية تصدرها الدولة كل يوم لتؤكد أنها لا تترك أبناءها خلف الركب، وأنها تدرك أن التنمية لا تكتمل ما لم تشمل الفقير والمُسنّ والمعاق والمريض والمرأة المُعيلة. 

ينطلق المشروع من فهم عميق لفكرة الحماية الاجتماعية، لا بوصفها صدقة مؤقتة، بل باعتبارها حقًا أصيلًا للمواطن في أن يحيا حياة كريمة، وأن يتمتع بحد أدنى من الأمن الاقتصادي يجنّبه الانكسار أمام عواصف الفقر والمرض والتهميش.

وقد جاء "تكافل وكرامة" ليحمي هذه الأسرة، لا بالكلمات، بل بالأفعال والتمويل والتوسع الجغرافي، موجهًا دعمه للأسر الأكثر فقرًا، والعاجزة عن الإنفاق على أبنائها، وكبار السن، وأصحاب الإعاقات، والنساء اللواتي تحملن عبء المسؤولية في غياب العائل.

تكافل، وكرامة.. اسمان يحملان دلالات رمزية رفيعة: الأول يُعنى بدعم الأسرة التي تتحمل أعباء تربية الأطفال وتعليمهم، والآخر يمنح الفرد شعورًا بعدم الإقصاء حين تعجز صحته أو ظروفه عن مسايرة متطلبات الحياة.

إنجاز رقمي غير مسبوق.. لكن الأثر الإنساني أعظم

أكثر من 22 مليون مواطن مصري استفادوا من المشروع حتى منتصف عام 2025، موزعين على ما يزيد عن 5 ملايين أسرة في مختلف قرى ومحافظات الجمهورية، وبدعم شهري يتفاوت حسب الحالة وعدد أفراد الأسرة، تغطي الدولة احتياجات ضرورية تشمل الغذاء، التعليم، الرعاية الصحية، وتكاليف الحياة اليومية.

لكن الأرقام وحدها لا تروي القصة، الأهم هو كيف تحولت آلاف الأسر من اليأس إلى الأمل، ومن العوز إلى الحد الأدنى من الكفاف الكريم، وكيف أصبح المشروع بابًا مفتوحًا نحو إدماج هؤلاء المواطنين في النسيج الاجتماعي والاقتصادي، بعيدًا عن وصم الفقر أو العزلة.

إن ما يميز "تكافل وكرامة" هو عدم الاكتفاء بالدعم النقدي، بل السعي لتحويله إلى مدخل لتمكين حقيقي، فالمشروع مرتبط بمشروعات صحية وتعليمية وتوعوية، ويُشترط على المستفيدين الالتزام بتطعيم أطفالهم، وانتظامهم في التعليم، وهو ما أسهم في خفض نسب التسرب من التعليم، وتحسين الوعي الصحي، والحد من ظواهر مثل عمالة الأطفال.

لم تتوقف الدولة عند الدعم النقدي، بل بدأت وزارة التضامن الاجتماعي في تنفيذ برامج مكملة لتدريب النساء والشباب في هذه الأسر على مهارات الحرف والمشروعات الصغيرة، من أجل التحول من "الدعم" إلى "العمل"، ومن الاحتياج إلى الإنتاج.

تكافل وكرامة في قلب الجمهورية الجديدة

حين تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي مرارًا عن "الجمهورية الجديدة"، لم يكن يقصد مباني شاهقة أو طرقًا حديثة فقط، بل كان يُعيد تعريف مفهوم الدولة ذات الضمير، الدولة التي لا تكتفي بإصلاح الاقتصاد الكلي، بل تضع الفقراء على طاولة القرار.

إن "تكافل وكرامة" ليس مجرد مبادرة اجتماعية، بل هو تعبير سياسي وأخلاقي عن فلسفة حكم تؤمن بأن كرامة الإنسان لا تُمنح، بل تُصان وأن بناء مصر القوية لا يكون على حساب الفقراء، بل بمشاركتهم، وحمايتهم، ودمجهم.

لقد أصبح "تكافل وكرامة" نموذجًا يحتذى في العالم العربي والأفريقي، ليس فقط بسبب قدرته على الوصول للفئات الأضعف، بل بسبب ما يحمله من روح العدالة والرحمة والمسؤولية.

هو مشروع لا تُقاس عظمته بعدد المستفيدين فقط، بل بعدد القلوب التي أعاد إليها الأمان، والبيوت التي منع سقوطها، والأحلام الصغيرة التي أنقذها من الانطفاء.

هبة صالح

تم نسخ الرابط