الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
الايام المصرية

في زمن تمزّقت فيه خريطة السياحة الإقليمية تحت وطأة الحروب والصراعات، ظهرت الغردقة كوجهة سياحية صاعدة تعيد تشكيل المشهد في الشرق الأوسط. 

فبين دخان الحرب في غزة، وتزايد التوترات بين إيران وإسرائيل، انهارت مواسم سياحية بالكامل في بعض الدول، وفي المقابل، ازدهرت السياحة في مدينة الغردقة، تلك المدينة المصرية التي نجحت في الجمع بين الأمان الطبيعي والمقومات السياحية العالمية. 

وفي الوقت الذي انكمشت فيه السياحة في إسرائيل وتراجعت أعداد الزوار بفعل التهديدات الأمنية، استطاعت الغردقة 2025 أن تقدّم نفسها كبديل آمن ومشرق للسائحين القادمين من أوروبا والعالم العربي، مؤكدة أن السياحة في مصر ما زالت قادرة على المنافسة والريادة في أوقات الأزمات.

الغردقة: جنة ساحرة على البحر الأحمر
شواطئ الغردقة

السياحة الإسرائيلية تتراجع في صمت

الأرقام لا تكذب، بلغت نسبة التراجع في عدد السياح القادمين إلى إسرائيل أكثر من 68% في النصف الأول من عام 2024، حسب بيانات رسمية صادرة عن وزارة السياحة الإسرائيلية بسبب الحرب على غزة، وتوسع رقعة التصعيد مع إيران، وهو ما جعل إسرائيل وجهة مشتعلة لا تصلح للترفيه أو الاستجمام.

مخاوف شركات الطيران العالمية، وتصاعد تحذيرات السفر، دفعت السياح – لا سيما الأوروبيين – لإعادة النظر، فلم تعد الشواطئ هناك ملاذًا آمنًا، ولا الفنادق ملجأ للراحة، بل أصبحت رموزًا في نشرات الأخبار المليئة بالتحذيرات والخسائر.

 الغردقة... مدينة تستيقظ على حلم جديد

في الجهة المقابلة من المشهد، تشرق الغردقة بثبات، المدينة المصرية التي تتكئ على البحر الأحمر، وتحتضن الزوار بكرم الجنوب، استعادت رونقها وسط أزمات الجوار. 

ووفق إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفعت نسبة النمو السياحي في الغردقة إلى 39% خلال عام 2024، لتكون بذلك الأسرع نموًا بين المدن المصرية.

وسُجلت نسب إشغال قياسية خلال ربيع وصيف 2025، تجاوزت 92% في العديد من الفنادق والمنتجعات، مدفوعة بتوافد سياح من ألمانيا، بولندا، التشيك، روسيا، النمسا، إضافة إلى السياحة العربية التي شهدت أيضًا عودة قوية.

مهرجان ألوان على شواطئ الغردقة احتفالا بالعيد (صور)
السياحة في الغردقة

لماذا الغردقة الآن؟

الغردقة ليست مجرد مدينة شاطئية؛ إنها أيقونة سياحية تنبض بالحياة، وتُعيد تشكيل علاقتها بالعالم وتمتاز بأمنها القوي، وتنوع منتجها السياحي، واعتدال أسعارها مقارنة بوجهات أخرى في الإقليم.

كما تملك شواطئ نقية، وشعاب مرجانية فريدة، وتجربة سياحية متكاملة من المنتجعات إلى السفاري إلى الرحلات البحرية.

الحكومة المصرية أدركت هذا التحول، فاستثمرت في المدينة أكثر من 8 مليارات جنيه مصري عام 2024، لتطوير البنية التحتية، ورفع كفاءة الفنادق، وتحسين المطار، وتوسيع شبكات الطرق والخدمات.

كما أطلقت وزارة السياحة حملة رقمية دولية بعنوان "مصر في قلب العالم"، لترويج الوجهات الآمنة، وعلى رأسها الغردقة.

تقرير وزارة السياحة أشار إلى أن أكثر من 250 ألف فرصة عمل جديدة تم توفيرها في 2024، نصفها تقريبًا في محافظتي البحر الأحمر وجنوب سيناء.

اليوم.. مطار الغردقة يستقبل 13 ألف سائح أوروبي

 حين تصمت المدافع... تتكلم الشواطئ

حين تعصف الحروب وتتهدم المدن، يبحث الإنسان عن زاوية من هذا العالم لا تشتعل، وفي زمن الانكماش السياحي في إسرائيل، فتحت مصر نوافذها للريح الطيبة، وقدّمت للعالم وجهًا جديدًا للسياحة: وجه يوازن بين الجمال الطبيعي، والأمن، والضيافة المتأصلة.

مدينة الغردقة اليوم لا تنافس فقط على أرقام الإشغال، بل على مكانتها كعاصمة للسلام وسط إقليم مضطرب، من بين رمالها، وبين وجوه أبنائها الذين عادوا للحياة، تُروى قصة استعادة الدور المصري في السياحة الدولية، لا كملاذ مؤقت، بل كخيار استراتيجي طويل الأمد.

الكابتن: فرنس مرجان

مدير منطقة البحر الأحمر لكمال الأجسام 

تم نسخ الرابط