الثلاثاء 15 يوليو 2025
الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

في ركن هادئ من العاصمة الإدارية الجديدة، حيث تبني مصر مستقبلها بالحجر والضوء والرؤية، كان المشهد مختلفًا هذا الصباح، لم يكن مجرد افتتاح رسمي لمقر جديد، بل كان رسالة إنسانية مكتوبة بلغة التيسير والاحترام والتطور.

رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، يتقدَّم وفدًا رفيعًا لافتتاح مكتب خدمات الأجانب (زواج – تملك)، مقر جديد ليس للخدمة فقط، بل للانتماء، للكرامة، ولوجه مصر الحديث الذي يمد يده للجميع بلا تعقيد ولا تأخير.

لقد انتقل المكتب من أروقة ضيقة في لاظوغلي، كانت تشهد ازدحامًا وضيقًا يثقل على المتعاملين، إلى مبنى حديث في حي R3 بالعاصمة الجديدة، صُمم ليقول بلغة المكان: أهلاً بكم في وطن يُحسن الاستقبال، ويتقن التنظيم، ويعرف أن كرامة الإنسان تبدأ من لحظة دخوله إلى المؤسسة.

منذ اللحظة الأولى، كان واضحًا أن هذه النقلة لم تكن هندسية فقط، بل نقلة إنسانية قبل أن تكون تقنية.

تحدث وزير العدل، المستشار عدنان فنجري، بفخر عن بنية إلكترونية متكاملة، خدمات ترجمة فورية بلغات متعددة، ومنصات رقمية تتيح الاستعلام المسبق عن شروط الزواج أو تملك العقارات، بحيث يصل الأجنبي إلى المكتب وهو يعرف تمامًا ما عليه فعله، لا مفاجآت، لا طوابير، لا مشاهد مرهقة.

تخيل أن تتمكن من إنهاء معاملة زواج أو توثيق ملكية عقار وأنت تتحدث بلغتك، وتُعامل بكامل الاحترام، وتُنجز الإجراءات خلال دقائق، هذا هو وجه مصر الذي يستحق أن يُروى، مصر التي تتغير من الداخل، لا في البنيان فحسب، بل في الروح الإدارية، في فلسفة الخدمة، في رؤية الدولة لدورها كمُقدّمة للعدالة، لا كحاجز أمامها.

المكتب بمساحته الجديدة التي تجاوزت 900 متر مربع بعد أن كانت لا تتعدى 320 مترًا، وبعدد منافذه الذي قفز بنسبة 75%، لم يكن مجرد توسع، بل توسعة في الأفق، في الشعور بأن الخدمات الحكومية يمكن أن تكون راقية، مؤدبة، محترفة.

وفي ركن آخر من المكان، مكتب الزواج يرحب بالمحبين الذين جمعتهم الحياة رغم اختلاف الجنسيات، أو المذاهب، أو الطوائف، وهنا لا مكان للتعقيد، بل توثيق للحب والارتباط والإنسانية، عبر إجراءات مدنية واضحة، تحترم الجميع، وتراعي خصوصياتهم، وتختصر المسافة بين الحلم والحقيقة.

رئيس الوزراء لم يطلب تحسين المقر فحسب، بل طلب ترويج هذه الفكرة، وأن العاصمة الإدارية ليست فقط عاصمة للحكومة، بل عاصمة لـ"الخدمة التي تليق بالبشر".

مصر، التي تستقبل آلاف الأجانب سنويًا ممن يعملون أو يستثمرون أو يتزوجون فيها، تقول لهم الآن: نحن نحترمكم، ونجهّز لكم خدماتٍ حديثة تُعبّر عن قيمنا الحقيقية، لا عن ماضٍ من البيروقراطية المتعبة.

وفي التفاصيل ما يؤكد أن الدولة تمضي في طريقها بثبات ربط إلكتروني بين مكاتب الشهر العقاري على مستوى الجمهورية، مشروع رقمي متكامل لتسجيل العقارات لا يستغرق أكثر من يوم واحد، ودمج فعلي بين وزارات العدل والإسكان والاتصالات، ليكون الأجنبي في مصر قادرًا على إنهاء معاملاته كما لو كان في وطنه.

لم يكن المشهد بروتوكوليًا، بل إنسانيًا بامتياز، موظفون جدد، شباب مدربون، أجهزة حديثة، مساحات رحبة، وكل ذلك تحت سقف واحد يُجسّد تحولًا جذريًا في العلاقة بين المواطن (أو المقيم) والدولة.

هكذا تصنع الثقة، لا بالخطب، بل بالخدمة، لا بالوعود، بل بالنوافذ المفتوحة، لا بالأمنيات، بل بمكاتب تُنجز وتُبادر وتُرحب.

تم نسخ الرابط