الثلاثاء 15 يوليو 2025
الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

اليوم تُغلق أبواب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ، وتُعلن غدًا القوائم المبدئية للمرشحين، لتستكمل مصر واحدة من أهم محطاتها السياسية، في مسار يعكس نضوج التجربة الديمقراطية وبناء مؤسسات الدولة على أسس أكثر شمولًا وعدالة. 

في هذا السياق، برز التحالف الوطني بوصفه قوة سياسية متماسكة تُجيد إدارة الاستحقاقات الدستورية بمنطق الشراكة لا المغالبة، وبعقلية تخطيطية لا شعاراتية، كان أبرز تجلياتها تقديم قائمة انتخابية قوية تضم طيفًا واسعًا من الخبرات والكوادر الشابة.

فمنذ تأسيسه بموجب التعديلات الدستورية لعام 2019، عاد مجلس الشيوخ ليشكّل أحد روافد السلطة التشريعية في مصر، من خلال دوره الاستشاري في مراجعة السياسات والقوانين العامة ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي. 

هذا الانضباط المؤسسي ليس رفاهية، بل ضرورة وطنية، تؤكد أن الدولة المصرية تمضي بخطى ثابتة نحو ترسيخ البناء الديمقراطي، وتُراكم منجزًا تشريعيًا يعكس استقرار مؤسساتها.

التحالف الوطني.. بنية سياسية متماسكة وخريطة وطنية

برز التحالف الوطني خلال هذه الانتخابات كأهم وأوسع مظلة سياسية قادرة على خوض العملية الانتخابية بمنطق التوافق لا التنازع، وبخطاب عقلاني يتجاوز الاستقطاب. 

قائمة التحالف جاءت شاملة، موزونة، وضعت معايير الكفاءة والتمثيل النوعي في الصدارة، فقد راعت تنوع الفئات الاجتماعية، مع حضور ملموس للشباب والمرأة وذوي الهمم، بما يتوافق مع روح الدستور ونداء الجمهورية الجديدة.

القائمة لم تكتف بتقديم رموز سياسية ذات خبرة، بل حرصت على إدماج طاقات جديدة تحمل أدوات العصر: كوادر شابة متخصصة في الإدارة العامة، الاقتصاد الرقمي، الإعلام الحديث، وتشريعات التنمية المستدامة، في خطوة تؤسس لتحول حقيقي في بنية التشريع داخل الغرفة الثانية من البرلمان.

تمكين الشباب.. من الشعار إلى التمثيل الحقيقي

بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن نسبة الشباب في مصر ما بين (18 إلى 35 سنة) بلغت نحو 22.5 مليون نسمة، أي ما يعادل 34.7% من إجمالي عدد السكان حتى منتصف 2024. 

هذا الرقم الهائل لا يمكن التعامل معه بمبدأ "التمثيل الرمزي"، بل يفرض على القوى السياسية واجبًا وطنيًا في تمكين هؤلاء الشباب داخل مواقع القرار، لا سيما في المؤسسات التشريعية.

في العقود الماضية، ظل الحديث عن "تمكين الشباب" مجرد شعار تُرفع به الحملات الانتخابية، لكنه غالبًا ما يصطدم بجدار البيروقراطية أو الحسابات الحزبية الضيقة. 

أما اليوم، فإن التحالف الوطني، بإدارجه عددًا من الشباب ذوي الخلفيات السياسية والمهنية المتميزة، يُعيد الاعتبار لهذه القضية من بوابة الالتزام لا الترويج، ومن منطلق الإيمان لا المجاملة.

بلغة الأرقام، فإن قائمة التحالف تضمنت ما يزيد عن 25% من المترشحين تحت سن الأربعين، وهو تطور نوعي بالمقارنة مع دورات سابقة، حين كانت النسبة لا تتجاوز 10%، وهو ما يعكس تحوّلًا في الرؤية إلى دور الشباب ليس فقط كمؤيدين، بل كصنّاع للتشريع.

إن الانتخابات النيابية ليست مجرد موسم سياسي عابر، بل اختبار لصدق الشعارات، وإعادة بناء للثقة بين الدولة والمجتمع ومع غلق باب الترشح وبدء مراحل الطعون، تبدأ رحلة جديدة في إعادة تشكيل مجلس الشيوخ بروح وطنية خالصة. 

وإذا كانت الدولة المصرية قد قطعت شوطًا كبيرًا في تثبيت مؤسساتها، فإن تمكين الشباب من داخل غرف التشريع هو خطوة ضرورية نحو مستقبل أكثر عدالة وتوازنًا.

لقد قدّم التحالف الوطني نموذجًا يمكن البناء عليه، حين فهم أن السياسة ليست ساحة صراع، بل فضاء شراكة، وأن الشباب ليسوا عبئًا على المؤسسات، بل طاقة تجديد دائمة، وذخيرة وطنية لا تنفد.

تم نسخ الرابط