الثلاثاء 15 يوليو 2025
الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

في كل أزمة تهز العالم، من حروب وصراعات إلى أوبئة وكوارث سياسية، غالبًا ما تكون أمريكا طرفًا مباشرًا أو غير مباشر في صناعتها أو تغذيتها.

فمن النادر أن تنزلق دولة إلى صراع دموي أو تواجه كارثة داخلية أو انهيارًا اقتصاديًا دون أن يُكشف لاحقًا عن دور أمريكي في الخلفية، باسم حماية "القيم الديمقراطية" حينًا، أو بذريعة "محاربة الإرهاب" حينًا آخر، بينما الحقيقة تُظهر أهدافًا أكثر تعقيدًا، تدور حول السيطرة والهيمنة ونهب الثروات.

تاريخ السياسات الأمريكية يؤكد أنها لا تكتفي بالتدخل السياسي أو العسكري، بل امتدت أدواتها إلى الحروب البيولوجية والنفسية والمعلوماتية، وجائحة كورونا التي اجتاحت العالم كانت نقطة تحول خطيرة، ليس فقط بسبب خطورتها الصحية، بل لما أحاط بها من تساؤلات. 

تقارير دولية وإفادات روسية تحدثت عن مختبرات أمريكية في أوكرانيا يُعتقد أنها لعبت دورًا في تصنيع الفيروس، في ظل صمت دولي وغموض رسمي. 

وفي المقابل، استغلت أمريكا الأزمة اقتصاديًا، عبر شركات الأدوية العملاقة التي حصدت أرباحًا خيالية من إنتاج اللقاحات، لتنعش الاقتصاد الأمريكي فوق أنقاض نظام صحي عالمي مضطرب.

إن السياسة الأمريكية لا تحيد عن هدفها وهو تنفيذ مخطط يخدم المشروع الصهيوني في المنطقة والعالم، مشروع تُدار مراحله بدقة وسرعة، تقوده إدارة لا تؤمن بالعدالة ولا تردعها منظومة أخلاقية.

ولعل المفارقة أن هذه الإدارة، رغم انخراطها في دعم الصراعات والدمار، ما زالت تطمح إلى تسويق نفسها كصاحبة مبادرات للسلام، وتسعى بوقاحة لنيل جوائز دولية مرموقة.

أمثلة التدخل الأمريكي عديدة، ففي بنما، تم القبض على الرئيس مانويل نورييغا وسُحب من بلاده إلى السجون الأمريكية رغم كونه حليفًا سابقًا وفي البوسنة، غضّت واشنطن الطرف عن مجازر دموية راح ضحيتها أكثر من 300 ألف مسلم، واغتُصبت عشرات الآلاف من النساء، وهُدمت مئات المساجد، وتم تهجير أكثر من مليون ونصف من الأبرياء في مأساة لم تُمحَ من الذاكرة.

وفي الشرق الأوسط، يتواصل السيناريو ذاته: دعم أمريكا معلن وغير مشروط للعدوان على غزة، وتأييد لضرب لبنان وسوريا، وتمهيد مستمر لتفكيك العراق وتطويع إيران، تحت لافتات مختلفة، والهدف واحد وهو تفكيك المنطقة العربية وإدخالها في دوامة من الفوضى والانقسام والعجز.

ورغم كل ذلك، ما زالت الردود العربية محصورة في بيانات الإدانة والشجب، دون خطوات فاعلة أو إرادة جماعية لمواجهة هذا الخطر المتصاعد، والبعض يظن أن الخطر بعيد، أو يراهن على مسافة آمنة، بينما الوقائع تؤكد أن الجميع داخل دائرة الاستهداف، والتاريخ لا يرحم المتفرجين.

إنّ ما يجري اليوم يتطلب موقفًا عربيًا موحّدًا يرتقي إلى مستوى التحديات، قبل أن يصبح الصمت خيانة، والتجاهل جريمة، فالأمم لا تُحترم بالشعارات، بل بقوة الموقف، وصدق الفعل، ووضوح الرؤية.

يقول الله تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم"، وهي دعوة صريحة للإعداد لا للركون، وللتحرك لا للتردد، وللردع لا للخضوع.

إن استمرار المشهد الحالي سيقود إلى نتائج كارثية، ما لم يتحرك العقل العربي بمسؤولية ووعي وتنسيق، لوقف نزيف المنطقة، وإنقاذ ما تبقى من كرامة وسيادة ومصير.

مجدي صادق

كاتب صحفي

تم نسخ الرابط