أرض الذهب، تعرف على طقوس النوبية تزامنا مع يومها العالمي

يحتفل النوبيون باليوم العالمي للنوبة في العادة يوم 7 من شهر يوليو لكل عام، وطُرحت فكرة الاحتفال باليوم العالمي للنوبة في عام 2004 من قبل عدد من التكتلات النوبية، ومنذ ذلك الحين ويحتفل النوبيين باليوم العالمي للنوبة كل يوم 7 من شهر يوليو .

تم اختيار يوم 7 لما يشمل الرقم (7) على العديد من العادات والطقوس النوبية، مثل زيارات المقابر عقب الوفاة التي تستمر لسبعة أيام، وأن المرأة عقب الإنجاب تمر ٧ مرات على البخور، ونزول الطفل المولود لمياه النيل في اليوم السابع من المناسبة بصحبة السيدة أم الطفل لتغسل وجهها سبع مرات من مياه النيل وتفعلها العروس في الزواج أيضاً وتقفز (السيدة المعنية بالمناسبة) سبعة مرات على مبخرة مكوناتها من سبع أنواع من البخور، ورقم (7) باللغة النوبية يسمى  كلود Kolood ، فهو ذات مدلول أعمق ودلالات وطقوس لدى النوبيين وفي كل عام بمختلف أنحاء العالم، للاحتفاء بالمنطقة وتاريخها وتراثها.

الاحتفال باليوم العالمي للنوبة

ويعد الاحتفال بيوم النوبة العالمي أحد أشكال التنوع الثقافي داخل المجتمع المصري، ويركز مشروع بذور على مفهوم التنوع الثقافي، وايجاد روح التعاون المتبادل، واعلاء قيمة الحوار، بما يعزز قيمة السلام ونبذ العنف.

وتقام فعاليات الاحتفال في عدد من البلدان والعواصم منها الولايات المتحدة الأميركية والخرطوم والرياض والكويت من قبل الجاليات النوبية المتواجدة فيها.

ويحتفل النوبيون باليوم العالمي للنوبة من خلال أداء رقصات تقليدية، بالإضافة إلى فعاليات ثقافية وفنية أخرى، إذ تُقام عروض موسيقية ورقصات تقليدية تعكس الفلكلور النوبي المميز، ويشمل الاحتفال أيضًا معارض فنية تعرض الحرف اليدوية والفنون النوبية التقليدية. 

بالإضافة إلى الرقصات، يشمل الاحتفال باليوم العالمي للنوبة: 

عروض موسيقية:

تقدم الفرق النوبية عروضًا موسيقية متنوعة تعزف على الآلات التقليدية. 

معارض فنية:

تعرض الحرف اليدوية النوبية مثل النقش على الخشب والنسيج. 

فعاليات ثقافية:

تتضمن محاضرات وندوات تتناول تاريخ النوبة وأهميتها الثقافية. 

شهادات وحكايات:

يشارك كبار السن النوبيون حكاياتهم وعاداتهم وتقاليدهم. 

أنشطة للأطفال:

تُنظم فعاليات خاصة للأطفال لتعريفهم بالتراث النوبي. 

حضارة أهل النوبة

أطلق القدماء على النوبة «أرض الأقواس» نسبة لمهارة أهلها في الرماية، وتمتد بلاد النوبة تاريخيا من جنوب مصر إلى جنوب نهر النيل وانقسمت إلى ثلاث ممالك هي «كوش» و«مروي» و«نباتا» التي ضمت دول حوض النيل وهي أثيوبيا وتنزانيا والسودان والكونغو.

وأثبتت كثير من الدراسات العالمية والعلمية والدينية أن الحضارة النوبية هي حضارة الإنسان القديم وأرض النوبة هي أرض النبوة والتاريخ، وأن النوبة هي مصر القديمة وهي المنطقة الوحيدة التي عليها قصر فرعون مصر على النيل.

والملوك النوبيون الذين حكموا مصر أطلق عليهم مصطلح الفراعنة ويسمون أحيانا «الأسرة الخامسة والعشرون» ولم يعتمد الملوك النوبيون الألقاب المصرية فقط بل أيضا الكتابة المصرية والأهرامات المصرية وأمر الفراعنة النوبيون بإنجاز نقوش تسجل ألقابهم وأفعالهم، كما ارتفعت أعداد الأهرامات المبنية في النوبة بشكل كبير.

تعتبر بلاد النوبة هي المنطقة التاريخية الممتدة على طول نهر النيل من الشلال الأول جنوب أسوان شمالا إلى جنوبي التقاء النيلين الأزرق والأبيض جنوبا، وكانت مقرا لواحدة من أقدم الحضارات في أفريقيا وهي حضارة كرمة التي استمرت من حوالي 2500 ق.م حتى غزوها من قبل المملكة المصرية الحديثة تحت حكم تحتمس الأول حوالي 1500 ق.م وإلى تفكك المملكة في 1070 ق.م.

ما هي النوبة، ومن هم النوبيون

كلمة النوبة تعني الذهب، وسميت المنطقة بذلك لوجود بها أكبر مناجم الذهب في أرضها بمنطقة العلاقي، وامتدت امتدت بلاد النوبة تاريخيًا من جنوب مصر إلى جنوب نهر النيل وانقسمت إلى ثلاث ممالك: كوش ومروي ونباتا، وضمت دول حوض النيل (أثيوبيا وتنزانيا والسودان والكونغو).

تمركز النوبيون حول نهر النيل آلاف السنين فيما يعرف الآن بجنوب مصر وشمال السودان، ويعتبروا من أقدم الشعوب المتحضرة في العالم، وانقسمت بلاد النوبة إلى ثلاث ممالك (كوش ومروي ونباتا)، وثلاث مناطق جغرافية وهي المنطقة الشمالية التى يسكنها النوبيون "الكنوز" ويتحدثون اللغة الماتوكية، والمنطقة الوسطى ويسكنها العرب وتضم ست قرى ويتحدثون اللغة العربية إلى جانب تعلمهم النوبية، والمنطقة الجنوبية ويسكنها النوبيون الفاديجا.

وعلى الرغم من هجرة النوبيين من بلادهم إلا أنهم ظلوا ملتصقين بثقافتهم وتراثهم، بالإضافة إلى الحضور الطاغي للثقافة النوبية المستقلة داخل الثقافة المصرية ومازالت المرأة النوبية تحتفظ بتراثها وزيها وثقافتها.

من صاحب فكرة الاحتفال باليوم العالمي للنوبة

يعد “محمد سليمان أحمد” صاحب فكرة اليوم النوبي العالمي من مواليد وادي حلفا دبيرة بالسودان، وهو كاتب وباحث وناشط في الشأن النوبي والأمين العام للملتقى النوبي الثقافي الاجتماعي، له العديد من الإسهامات في العمل الاجتماعي العام والمنسق العام لفعاليات اليوم النوبي.

خلفية تاريخية حول تهجير النوبيين

عندما بدأ المصريون العمل في "خزان أسوان" لحل مشكلة فيضان النيل، بدأ تهجير النوبيين عام 1902 على فترات متقطعة، إلا أن التهجير بصورته الكبرى وقع في عام 1963، عندما بدأت الحكومة المصرية في العمل على بناء السد العالي، حيث تم تهجير 44 قرية نوبية من مساحة 350 كيلومترا مربعا، وفي ذلك الحين  طلبت مصر والسودان المساعدة الدولية لإنقاذ المواقع الأثرية التي هددها بناء السد العالي.

تم انقاذ الكثير من الآثار أبرزها معبدا أبو سمبل وفيلة، لأن السد لم يكن يهدد الآثار فحسب بل  النوبة كلها بناسها وآثارها وأرضها، لذلك طلب البلدان المساعدة ليأتي أناس من مختلف أنحاء العالم مهندسين ومعماريين وجغرافيين لإنقاذ المنطقة"، وهذا حسبما أشار مصادر باليونسكو.

ويناضل  النوبيون من أجل العودة إلى ضفاف بحيرة ناصر القريبة من قراهم الأصلية، ويذكر أن الحكومة المصرية قد أعلنت أنها حريصة على أن تكون الأولوية لأهل النوبة في الحصول على أراض واقعة في منطقة النوبة القديمة بأقصى جنوب مصر ضمن مشروع ضخم تنفذه الحكومة لاستصلاح الأراضي.

ويحتج نشطاء نوبيون على قرار السلطات طرح بعض أراضي منطقتي "توشكى"و"خورقندي"، الواقعتين ضمن أراضي النوبة القديمة، للبيع بالمزاد العلني أو حق الانتفاع في إطار مشروع قومي لزراعة 1.5 مليون فدان، ويطالب النشطاء بأحقيتهم في تنمية هذه الأراضي.

معبدي أبو سمبل وفيلة

يعتبر معبد أبو سمبل من مناطق الجذب السياحي المعروفة في العالم حيث تم تصويره في أفلام مثل الموت على ضفاف النيل والمومياء،  حيث بناه رمسيس الثاني منذ 33 قرنا لكان حاليا تحت الماء.

وإذا كان قد تم انقاذ الآثار فإن عشرات الآلاف من النوبيين تعرضوا للتهجير من أرضهم التاريخية على ضفاف النيل في جنوب مصر وشمال السودان في أوائل ستينيات القرن الماضي ليعاد توطينهم في مناطق صحراوية لا يستطيعون فيها ممارسة الزراعة مما دفع الشباب إلى مغادرة البلاد بحثا عن عمل، وبانتزاعهم عن جذورهم بدأ النوبيون يفقدون لغتهم وعاداتهم.

إعلان اليونسكو بشأن التنوع الثقافي ورؤية مصر 2030

 اعتمدت منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلوم والثقافة (اليونسكو) "اعلان اليونسكو العالمى بشأن التنوع الثقافى" فى العام ٢٠٠٢م، التي أخذت في الاعتبار  التنوع الثقافى كأحد عناصر التراث المشترك للانسانية. حيث تنص المادة (١) من الإعلان على أن التنوع الثقافي بوصفه تراثاً مشتركاً للإنسانية، وتتخذ الثقافة أشكالا متنوعة عبر المكان والزمان. ويتجلى هذا التنوع في أصالة وتعدد الهويات المميزة للمجموعات والمجتمعات التي تتألف منها الإنسانية. والتنوع الثقافي، بوصفه مصدراً للتبادل والتجديد والإبداع، هو ضروري للجنس البشري ضرورة التنوع البيولوجي بالنسبة للكائنات الحية. وبهذا المعنى يكون التنوع الثقافي هو التراث المشترك للإنسانية، وينبغي الاعتراف به والتأكيد عليه لصالح الأجيال الحالية والأجيال القادمة.

كما أقرت "اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي"، التي اعتمدتها اليونسكو في ٢٠ أكتوبر ٢٠٠٥، العديد من الأهداف أهمها؛ حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي، تهيئة الظروف التي تكفل ازدهار الثقافات،  تشجيع الحوار بين الثقافات لضمان قيام مبادلات ثقافية أوسع نطاقا وأكثر توازنا في العالم دعما للاحترام بين الثقافات وإشاعة لثقافة السلام، تعزيز التواصل الثقافي بهدف تنمية التفاعل بين الثقافات بروح من الحرص على مد الجسور بين الشعوب، تشجيع احترام تنوع أشكال التعبير الثقافي وزيادة الوعي بقيمته على المستوى المحلي والوطني والدولي.

وتسعى رؤية مصر ٢٠٣٠ من خلال محور الثقافة المدرج فى بعدها الاجتماعى، إلى إيجاد منظومة قيم ثقافية إيجابية في المجتمع المصري، تحترم التنوع والإختلاف، بناء مجتمع عادل متكاتف يتميز بالمساواة في الحقوق والفرص الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وبأعلى درجة من الاندماج المجتمعي، ويقوم على التوازي بمساندة شرائح المجتمع المهمشة.

كما يشير الهدف العاشر من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة "الحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها"، حيث تنص على "تمكين وتعزيز الإدماج الاجتماعي والاقتصادي والسياسـي للجميـع، بغـض النظـر عـن الســن أو الجــنس أو الإعاقــة أو الانتمــاء العرقــي أو الإثــني أو الأصــل أو الــدين أو الوضــع الاقتصادي أو غير ذلك، بحلول عام ٢٠٣٠".