في ذكرى ميلاد يحيى العلمي.. كيف خرجت أسرار المخابرات والجاسوسية بلغة الدراما

 ذكرى ميلاد يحيى العلمي، في مثل هذا اليوم، ولد واحد من أعمدة الدراما المصرية، المخرج  يحيى العلمي، الذي رسخ اسمه كأحد أهم المبدعين في تقديم مسلسلات الجاسوسية والدراما الوطنية، حتى صار اسمه يقترن تلقائيًا بأي عمل درامي من هذا النوع، مقارنة بإرثه الذي لا يزال حاضرًا في وجدان المشاهدين العرب حتى اليوم.

في ذكرى ميلاد المخرج الكبير يحيى العلمي، نستعيد إرثًا فنيًا مشرفًا، ومسيرة حافلة بالأعمال التي نقلت بطولات المصريين من الظل إلى الضوء، رحل الجسد، لكن بقيت الأعمال تروى، وبقي اسم يحيى العلمي محفورًا في ذاكرة الدراما المصرية والعربية.

لم يكن مجرد مخرجًا تقليديًا، بل كان صانعًا للحدث، قادرًا على شد أنظار الملايين حول الشاشة الصغيرة، إلى الحد الذي كانت تخلو فيه شوارع القاهرة أثناء عرض مسلسلاته، وعلى رأسها "رأفت الهجان" و"دموع في عيون وقحة"، وهي أعمال استثنائية استلهمت وقائعها من  ملفات المخابرات المصرية، وقدمها العلمي بلغة درامية بليغة، لا تخلو من الوطنية، والتشويق، والواقعية.

أقرأ أيضًا

في ذكرى ميلاد يحيى العلمي.. السندريلا لم تسامح بسبب كواليس "هو وهي"

رأفت الهجان.. ملحمة وطنية من قلب المخابرات

يعد مسلسل "رأفت الهجان" من أكثر الأعمال الدرامية تأثيرًا وشهرة في العالم العربي، وهو مأخوذ عن السيرة الحقيقية للجاسوس المصري  رفعت الجمال، الذي جندته المخابرات المصرية وزرعته داخل المجتمع الإسرائيلي تحت اسم "رأفت الهجان".
استطاع يحيي العلمي، عبر إخراج ثلاثة أجزاء متتالية، أن يرصد ببراعة الصراع المخابراتي بين مصر وإسرائيل، مقدمًا صورة إنسانية وسياسية معقدة لبطل وطني خاض معارك في الظل.

بطولة: محمود عبد العزيز، يسرا، يوسف شعبان، ومن تأليف الراحل صالح مرسي، عن ملفات حقيقية من جهاز المخابرات العامة.

دموع في عيون وقحة.. جمعة الشوان وتفكيك الموساد

في واحد من أنجح أعماله على الإطلاق، قدم يحيى العلمي قصة الجاسوس أحمد الهوان، المعروف في الدراما باسم "جمعة الشوان"، في مسلسل "دموع في عيون وقحة".

اختار العلمي النجم عادل إمام ليؤدي دور البطولة، في تحول لافت في مسيرته الفنية، فجاء العمل مؤثرًا، ومليئًا بالمواقف الوطنية المؤثرة، حيث تناول كيف استطاع شاب مصري بسيط أن يخدع جهاز الموساد الإسرائيلي، وينقل معلومات خطيرة لصالح مصر في واحدة من أنجح عمليات الاختراق المخابراتي.

المسلسل ضم أيضًا مجموعة من النجوم، ونجح في تحقيق نسب مشاهدة قياسية، وأصبح أيقونة من أيقونات الدراما الوطنية.

بداية المسيرة.. من "أشجان" إلى "العنكبوت"

قبل أن يضع بصمته في دراما الجاسوسية، بدأ يحيى العلمي مسيرته بإخراج مسلسلات اجتماعية وفكرية، مثل "أشجان" عام 1970 للنجمة سهير رمزي، ثم مسلسل "العنكبوت" المأخوذ عن قصة للدكتور مصطفى محمود، حيث بدأ منذ البدايات في استكشاف النفس البشرية وقضاياها الأخلاقية والاجتماعية.

دراما وطنية تخلد في الذاكرة

لم يكن يحيى العلمي مجرد ناقل لقصص الجواسيس، بل كان صانعًا لصورة الوطن، محاورًا للمشاهد، وموصلًا للرسالة الوطنية ببراعة فنية خالص، جمع بين التوثيق والتشويق، وأعطى للدراما المصرية بعدًا جديدًا يعكس صراع العقول لا الأسلحة، والانتصارات الهادئة خلف الستار.