الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

"اقتصاد الحرب"، هل تلجأ مصر إلى تطبيقه في ظل التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

اقتصاد الحرب
اقتصاد الحرب

اقتصاد الحرب، عاد مصطلح اقتصاد الحرب إلى الواجهة من جديد مع اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل، وسط تساؤلات حول مدى استعداد مصر لتطبيق هذا النموذج، ليس من زاوية تحميل المواطن أعباء إضافية، بل من حيث قدرة الدولة على ترشيد الاستهلاك وإعادة توجيه الموارد بما يتلاءم مع التحديات الإقليمية المتسارعة.

ويفهم اقتصاد الحرب على أنه نموذج استثنائي للتقشف تتبناه الدولة في أوقات النزاعات، حيث تعاد هيكلة أولويات الإنفاق والإنتاج لخدمة متطلبات المرحلة، وقد شهدت مصر تطبيق هذا النموذج بشكل فعلي خلال الفترة من 1967 وحتى 1973، عبر سنوات حرب الاستنزاف وحتى نصر أكتوبر المجيد وتحرير سيناء.

تأثيرات متلاحقة على الاقتصاد المصري

الحروب والصراعات الإقليمية لها آثار مباشرة على الاقتصاد، أبرزها تراجع الإيرادات من مصادر حيوية مثل السياحة، الاستثمارات الأجنبية، التحويلات من الخارج، والصادرات، وتشهد مصر حاليًا تراجعًا ملحوظًا في عائدات قناة السويس نتيجة اضطرابات البحر الأحمر.

اقتصاد الحرب

وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، أن اقتصاد الحرب هو حالة تنتقل فيها الدولة من اقتصاد السوق الحر إلى نموذج موجه يكرس فيه الإنتاج والاستهلاك لخدمة المجهود الحربي، وتحدث فيه تغييرات جذرية في السياسات الاقتصادية، تشمل:

  • تقييد الاستيراد للسلع غير الأساسية وتوجيه النقد الأجنبي للسلع الحيوية.
  • زيادة الإنفاق العسكري مقابل تقليص الإنفاق على قطاعات مثل التعليم والصحة.
  • تعبئة الاقتصاد نحو الإنتاج المحلي لتوفير الاحتياجات الاستراتيجية.
  • مراقبة الأسعار وتدخل الدولة في السوق للحد من التضخم ونقص السلع.

مؤشرات على اقتراب تطبيق اقتصاد الحرب

يشير غراب إلى وجود مجموعة من المؤشرات التي تدفع باتجاه احتمالية تبني مصر لهذا النموذج، أبرزها:

  • أزمة الطاقة: توقف صادرات الغاز الإسرائيلي إلى مصر يهدد استقرار الكهرباء والصناعة، في ظل الارتفاع العالمي لأسعار النفط.
  • انكماش قناة السويس: تراجع العائدات بسبب اضطرابات الملاحة البحرية يضغط على الاحتياطي النقدي.
  • نقص العملة الصعبة: مع انخفاض الاستثمارات وارتفاع تكلفة الاستيراد، تواجه مصر فجوة تمويلية متسعة.
  • غياب الضمانات للدعم الخارجي: رغم المساعدات الخليجية والدولية، إلا أن توسع الحرب قد يعرقل تدفقها أو يقلل من فعاليتها.
اقتصاد الحرب

تداعيات الحرب على الاقتصاد الإقليمي

وشهد يوم الجمعة الماضي تصعيدًا غير مسبوق في الصراع الإيراني الإسرائيلي، مع شن إسرائيل ضربات واسعة ضد منشآت نووية وعسكرية داخل إيران، ورد طهران بقصف صاروخي وجوي، وهذه التطورات أدت إلى تعليق صادرات الغاز من إسرائيل، وأثرت على حركة الملاحة الجوية والبحرية، مع إغلاق جزئي للمجال الجوي في دول مجاورة كالأردن ولبنان وسوريا.

وبعد هذا التصعيد، سجلت أسعار النفط ارتفاعًا تراوح بين 7% و14%، وسط مخاوف من إغلاق مضيق هرمز أو استهداف منشآت نفطية حيوية، وبالنظر إلى أن مصر تعتمد على استيراد نسبة كبيرة من احتياجاتها من الطاقة، فإن هذا الارتفاع يفاقم أعباء الموازنة الحكومية، ويزيد من الضغوط التضخمية الناتجة عن ارتفاع تكاليف النقل والتوزيع.

واختتم غراب حديثه بالتحذير من أن مصر، وإن لم تدخل رسميًا في اقتصاد حرب، إلا أن ملامح هذا السيناريو باتت أقرب إلى الواقع في حال استمرار التصعيد الإقليمي.

ومع وجود تحديات مثل ارتفاع أسعار الطاقة، وتراجع عائدات قناة السويس والسياحة، والضغوط على العملة والاحتياطي النقدي، فإن إدارة الأزمة تتطلب خطوات فورية:

  • تعزيز كفاءة منظومة الطاقة.
  • ترشيد الاستيراد.
  • الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.
  • تأمين احتياجات السوق من السلع الأساسية.

وسط هذا المشهد المضطرب، تبقى مصر أمام اختبار صعب، يفرض عليها المفاضلة بين التكيف السريع أو مواجهة تداعيات قد تطال بنيتها الاقتصادية والاجتماعية على المدى القرى

تم نسخ الرابط