الأربعاء 04 يونيو 2025
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

ما أسباب زيارة وزير خارجية إيران لمصر في هذا التوقيت؟، خبراء يجيبون

زيارة وزير خارجية
زيارة وزير خارجية إيران لمصر

زيارة وزير خارجية إيران لمصر، يطرح الكثيرون تساؤلات حول دلالات زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إلى مصر في هذا التوقيت، حيث التقى عراقجي وزير الخارجية والهجرة الدكتور بدر عبد العاطي واستقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الاثنين، في إطارب تطور العلاقات المصرية الإيرانية.

وفي هذا الصدد قال الدكتور محمد عثمان، الباحث في العلاقات الدولية، إن زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لمصر ولقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي تأتي في توقيت تقف فيه المحادثات غير المباشرة ما بين إيران والولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني على مفترق طرق خطير. 

وأكد الدكتور محمد عثمان في تصريح خاص لموقع الأيام المصرية، أن المفاوضات رغم استمرارها لعدة جولات وسيرها بشكل شبه طبيعي، وصلت الآن إلى حالة تشبه الانسداد بسبب قضية خلافية جوهرية تتعلق بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، الولايات المتحدة متمسكة بوقف عملية التصخيب، بينما إيران تتمسك بحقها في التخصيب وتعرب عن استعدادها للتفاوض على النسب. 

مؤتمر صحفي بين وزيري خارجية مصر وإيران

وأضاف عثمان أنه في ظل هذا التوتر المتصاعد اتجه وزير الخارجية الإيراني للقاهرة وتزامنت زيارته مع زيارة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي للعاصمة المصرية أيضا، والذي أصدرت هيئته الأممية تقرير حول البرنامج النووي الإيراني يتهمها بزيادة نسب التخصيب لأكثر من 60% وأنها الآن قادرة علي تصنيع رؤوس نووية محدودة الانفجار. 

وأوضح أن تواجد الطرفين بالقاهرة مؤشر أن مصر أصبح لها دور فعال ومتزايد في ملف الوساطة ما بين إيران والولايات المتحدة، وخلال الأشهر الماضية نقلت مصر رسائل ما بين الطرفين، وشرعت في لعب دور يجنب إيران الدخول في صراع مع الولايات المتحدة وإسرائيل يجر المنطقة بأكملها لاتون حرب اقليمية خطيرة. 

الاجتماع بين وزيري مصر وإيران

وتابع أن استمرار لعب مصر لهذا الدور مع تمسكها بضرورة تجنيب الخيارات العسكرية وتغليب لغة الحوار وضروري إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية بشكل نهائي ويشمل ذلك السلاح النووي الإسرائيلي، يعزز من مصداقيتها لدي جميع الأطراف. 

وأكمل الدكتور محمد عثمان أن زيارة عراقجي تأتي أيضا في ظل خطوات بطيئة وحذرة تتخذها كل من طهران والقاهرة من أجل إعادة تطبيع العلاقات مرة أخرى علي أسس احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والعمل علي التعاون من أجل تحقيق المصالح المشتركة، ولعل زيارة وزير الخارجية الإيراني لمصر وهي ليست الأولي خلال العام ونصف الماضيين، مؤشر علي قرب عودة العلاقات وروابط الصداقة بين البلدين.

الدكتور محمد عثمان الباحث في العلاقات الدولية

د. نيفين وهدان: زيارة عراقجي للقاهرة تطور لافت في العلاقات المصرية الإيرانية

وفي نفس السياق، قالت الدكتورة نيفين وهدان، أستاذة العلوم السياسية، إن زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى القاهرة تعد تطورًا لافتًا في مسار العلاقات المصرية الإيرانية، لا سيما أنها جاءت في لحظة إقليمية بالغة الحساسية تتسم بتصاعد الأزمات في غزة، وتنامي التوترات في البحر الأحمر، والتغيرات الجيوسياسية التي أعقبت زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة، وعودة الحديث بقوة عن توسيع "الاتفاق الإبراهيمي"، فضلًا عن رفع بعض العقوبات عن النظام السوري.

وأوضحت الدكتور نيفين وهدان في حديث خاص لـ الأيام المصرية أن الزيارة لم تكن عشوائية في توقيتها أو مضامينها، بل جاءت في إطار إعادة التموضع الإيراني إقليميًا، وكسعي محسوب لاختراق جدار العزلة الذي حاولت إسرائيل بناءه حول طهران عبر منظومة التحالفات الأمنية والدبلوماسية الجديدة في الشرق الأوسط.

الرئيس عبد الفتاح السيسي يستقبل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي

وأشارت وهدان إلى أنه رغم أن العلاقة بين القاهرة وطهران لطالما اتسمت بالتوتر منذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، إلا أن جوهر الخلاف بين البلدين لم يكن يومًا عقائديًا صرفًا، بل سياسيًا واستراتيجيًا في المقام الأول، خاصة في ما يتعلق بالموقف من الخليج والعراق وسوريا ولبنان، أما اليوم فإن السياسة الخارجية المصرية تميل بوضوح نحو البراغماتية وساعية إلى تحقيق توازنات دقيقة تضمن الحفاظ على دورها الإقليمي المحوري، في وقت تعاني فيه من ضغوط اقتصادية داخلية وتحولات في البيئة الإقليمية والدولية.

وأكدت أن مصر تلعب دورًا متقدمًا في العديد من القضايا الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث تواصل جهودها في التهدئة بين الفصائل في غزة، وتعمل كوسيط مقبول دوليًا وإقليميًا، إلا أن هذه الجهود تتم وسط تصاعد تحفظات خليجية وأمريكية على ما يُنظر إليه بوصفه اتساعًا للنفوذ الإيراني في الإقليم، لا سيما بعد عودة التنسيق الإيراني السعودي، عبر الوساطة الصينية، وانفتاح بعض الدول العربية على طهران.

وأشارت إلى أنه يمكن قراءة زيارة الوزير الإيراني إلى مصر بوصفها إعادة رسم لخارطة النفوذ، حيث تسعى طهران إلى تطبيق استراتيجية تطويق الخليج من الجنوب والغرب، مستخدمة البوابة الأوسع والأكثر تأثيرًا في الإقليم وهي مصر، والتي تعد هذه الخطوة محاولة لفتح حوار مباشر مع القاهرة، بعد فترة طويلة من التحفظ المصري إزاء الدور الإيراني في الساحات العربية الحساسة، مثل العراق وسوريا ولبنان.

الدكتورة نيفين وهدان أستاذة العلوم السياسية

ولفتت إلى أن هذه الزيارة أحدثت بالفعل حالة من الارتباك أو إعادة الحسابات في الأوساط الخليجية والأمريكية، خاصة أن مصر تمتلك القدرة على لعب دور توازني قد يُفقد بعض الفاعلين الإقليميين أوراق ضغط مهمة، فبينما يُنظر إلى إيران بوصفها مصدر تهديد للاستقرار الإقليمي، فإن فتح القاهرة لقنوات دبلوماسية مباشرة معها يمنح الأخيرة أدوات جديدة للمناورة في الملفات الأمنية والاقتصادية والسياسية.

وتابعت أن  زيارة عراقجي إلى القاهرة لم تكن مجرد زيارة بروتوكولية عابرة، بل تمثل مؤشرًا واضحًا على دخول المنطقة مرحلة جديدة من إعادة تشكيل العلاقات الإقليمية، على أسس مختلفة، وأكثر تعددية. 

وأكملت أن مصر  تبرز هنا بوصفها فاعلًا محوريًا قادرًا على التفاعل مع كافة الأطراف، دون أن يتحول إلى جزء من محاور حادة أو استقطابات ثنائية.

واختتمت الدكتور نيفين وهدان أستاذة العلوم السياسية أن اللحظة الحالية تمثل مرحلة مفصلية لم تشهدها المنطقة منذ اندلاع موجات "الربيع العربي" في 2011، حيث تشهد خريطة التحالفات الإقليمية تحولات جذرية، وتُعيد الدول الكبرى في المنطقة  مثل مصر وإيران وتركيا والسعودية  وتقييم أولوياتها الاستراتيجية، على ضوء التغيرات في الموقف الأمريكي، وعودة روسيا والصين إلى واجهة التأثير في الشرق الأوسط.

تم نسخ الرابط