الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

بعد قطع برشلونة العلاقات مع إسرائيل، الجيش اللبناني يفكك جهاز تجسس للاحتلال

جهاز تجسس إسرائيلي
جهاز تجسس إسرائيلي

في تطور أمني لافت على الساحة اللبنانية، أعلن الجيش اللبناني، اليوم الجمعة 30 مايو 2025، عن تفكيك جهاز تجسس إسرائيلي متطور ومموّه، كان مزروعًا في منطقة بئر شعيب قرب بلدة بليدا في قضاء مرجعيون جنوبي البلاد.

وكان الجهاز، مزودًا بكاميرا عالية الدقة، عثر عليه أثناء تنفيذ وحدات الجيش عمليات مسح ميدانية لرصد خروقات العدو الإسرائيلي في المناطق الحدودية.

بين الجنوب اللبناني وبرشلونة، رسائل متزامنة تكشف العزلة المتزايدة لإسرائيل

وتأتي هذه الخطوة اللبنانية الحاسمة في سياق متواصل من التصعيد الميداني بين الجانبين على الحدود الجنوبية، إذ أكد بيان صادر عن قيادة الجيش اللبناني أن الوحدات العسكرية مستمرة في أعمال الرصد وإزالة الخروقات الإسرائيلية، مشيرًا إلى إزالة 13 ساترًا ترابيًا أقامتها القوات الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية.

وأضاف البيان أن الجيش اللبناني ينسق بشكل دائم مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، لمتابعة التطورات جنوبًا، وضبط الانتهاكات المتكررة من قبل الجانب الإسرائيلي.

وفي توقيت متزامن مع الحدث الحدودي، أعلنت بلدية برشلونة الإسبانية رسميًا عن قطع علاقاتها المؤسسية مع إسرائيل، في موقف يعتبر سابقة من نوعها لعاصمة أوروبية كبرى، وذلك على خلفية ما وصفته بانتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.

وجاء هذا القرار بعد ضغط شعبي وجماهيري واسع داخل المدينة، عبرت عنه تظاهرات ومذكرات تطالب بموقف أخلاقي يتماشى مع مبادئ حقوق الإنسان والعدالة الدولية.

هذا التزامن اللافت بين قرار محلي أوروبي يقضي بوقف التعامل مع إسرائيل، وخطوة ميدانية لبنانية تكشف خرقًا أمنيًا خطيرًا على الحدود، يعكس مناخًا سياسيًا متغيرًا باتت فيه إسرائيل تواجه تحديات متصاعدة على مستويات مختلفة، سواء في الجغرافيا الإقليمية القريبة، أو على مستوى العلاقات الدولية.

ويرى محللون أن العثور على جهاز التجسس في منطقة بليدا ليس بالأمر العرضي، إذ يعتبر الجنوب اللبناني منطقة حساسة استراتيجيًا بالنسبة لإسرائيل، التي تسعى دومًا للحصول على معلومات دقيقة عن تحركات القوى العسكرية اللبنانية، وعلى رأسها "حزب الله"، غير أن قدرة الجيش اللبناني على كشف الجهاز وتفكيكه بهذه السرعة يبرز تطورًا ملحوظًا في الإمكانات التقنية والاستخباراتية لدى المؤسسة العسكرية اللبنانية، رغم محدودية الموارد.

رمن جهة أخرى، فإن ما قامت به بلدية برشلونة لا يقتصر فقط على إعلان رمزي، بل يتعدى ذلك ليشكل رسالة سياسية واضحة، مفادها أن الرأي العام الأوروبي، وخصوصًا في المدن التقدمية الكبرى، لم يعد يتساهل مع ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويعكس هذا القرار مدى تأثير حركات التضامن الشعبية المتزايدة، التي تطالب بمحاسبة الحكومات والمؤسسات التي تتعاون مع إسرائيل أو تتجاهل الانتهاكات الجارية.

ويرى مراقبون أن هذه التحركات المتناغمة، وإن اختلفت في طبيعتها وموقعها الجغرافي، تُظهر أن إسرائيل تواجه تراجعًا في قدرتها على فرض سرديتها السياسية والأمنية كما في السابق.

فالخرق الأمني الذي كشف في الجنوب اللبناني يؤكد استمرار محاولات إسرائيل التجسسية رغم وجود قوات دولية، فيما يشير قرار برشلونة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يخسر تدريجيًا دعم شرائح مؤثرة في المجتمع الأوروبي.

رفي هذا السياق، يتوقع متابعون أن تؤدي هذه التطورات إلى تعزيز دعوات المطالبة بمراجعة العلاقات مع إسرائيل في مدن أوروبية أخرى، خاصة مع تصاعد التغطيات الإعلامية والانتهاكات الموثقة ضد المدنيين في غزة والضفة الغربية.

أما على الصعيد اللبناني، فإن الجيش يستمر في تأدية دور مزدوج، يجمع بين رصد التحركات العسكرية الإسرائيلية والدفاع عن سيادة الأراضي اللبنانية، وهو دور يزداد تعقيدًا في ظل توترات حدودية مستمرة، وتحذيرات دولية من إمكانية انفجار الوضع في الجنوب.

وفي المحصلة، فإن عملية تفكيك جهاز التجسس الإسرائيلي ليست فقط إنجازًا أمنيًا، بل تعتبر مؤشرًا على يقظة لبنانية تتكامل مع ضغوط خارجية تتعاظم على إسرائيل من أكثر من جهة.

وبينما تتزايد الدعوات لمساءلة الاحتلال دوليًا، فإن مشهد الجنوب اللبناني وبرشلونة الإسبانية يجسدان معًا مشهدًا سياسيًا جديدًا يعيد رسم خريطة التعاطي مع الملف الإسرائيلي – هذه المرة من قلب الأمن اللبناني ومن شوارع أوروبا النابضة بالغضب.

تم نسخ الرابط