حرب الكبار تهدد الاقتصاد العالمي، خبير اقتصادي يحذر من تداعيات التصعيد التجاري بين أمريكا والصين

الحرب التجارية بين أمريكا والصين، في ظل تصاعد التوترات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، حذر الدكتور بلال شعيب، الخبير الاقتصادي، من الآثار الكارثية لاستمرار الحرب التجارية بين القوتين العظميين، مشددًا على أن التعاون الاقتصادي الجاد بين الطرفين بات الخيار الوحيد لتفادي تداعياتها السلبية واسعة النطاق على الاقتصاد العالمي.
وفي هذا التقرير يستعرض موقع “الأيام المصرية” التفاصيل الكاملة لتداعيات الحرب التجارية بين أمريكا والصين، وفقًا لتصريحات الدكتور بلال شعيب، الخبير الاقتصادي، وجاءت التفاصيل كالتالي:
الحرب التجارية بين أمريكا والصين، من الرابح؟
وأوضح بلال شعيب، أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ نحو 582 مليار دولار، حيث تميل الكفة بشكل كبير لصالح الصين، إذ تمثل صادراتها إلى الولايات المتحدة أكثر من 65% من هذا الرقم، ما يعكس اعتمادًا هيكليًا في السوق الأمريكية على المنتجات الصينية لسد الفجوة الاستهلاكية.
وأشار إلى وجود خلل كبير في الميزان التجاري الأمريكي، لافتًا إلى أن فاتورة الاستيراد الأمريكية وصلت إلى نحو 4.11 تريليون دولار، بينما لم تتجاوز الصادرات الأمريكية سقف 3 تريليونات، مما نتج عنه عجزًا تجاريًا هيكليًا يُقدّر بنحو 1.2 تريليون دولار، وهو ما يمثل عبئًا مستمرًا على الاقتصاد الأمريكي.
وبين “شعيب” أن الولايات المتحدة والصين معًا تشكلان ما يقرب من 45% من الناتج الإجمالي العالمي، وتنفرد الصين وحدها بحوالي 30% من حجم الإنتاج الصناعي العالمي، مقارنة بـ 15% إلى 16% فقط للولايات المتحدة، مضيفًا أن أية اضطرابات في العلاقات الاقتصادية بين البلدين تترك آثارًا مباشرة وسلبية على الاقتصاد العالمي بأكمله.
وأرجع الخبير الاقتصادي، لجوء مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى انتهاج سياسة التيسير النقدي وخفض أسعار الفائدة بنهاية عام 2024 إلى انعكاسات هذه الحرب التجارية، إذ حاول “الفيدرالي” مواجهة حالة عدم اليقين وتداعيات ارتفاع التكاليف المرتبطة بالتحوط والتأمين في السوق العالمية، إلى جانب التذبذب في إمدادات الطاقة.
وأضاف أن هذه التوترات دفعت المستثمرين عالميًا إلى الاتجاه نحو الذهب كملاذ آمن، والابتعاد عن الأصول الورقية مثل السندات وأذون الخزانة الأمريكية، الأمر الذي ساهم في تخفيض مؤسسات التصنيف الائتماني لتصنيف الولايات المتحدة، ما يُعد مؤشرًا خطيرًا على عمق الأزمة.
وفي تطور جديد، تدرس الإدارة الأمريكية فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 15% على قطاعات صناعية واسعة في الصين، وهو ما قد يُعقد المفاوضات بين الجانبين، ويُجهض الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق نهائي.
واعتبر بلال شعيب، أن بعض القرارات الأمريكية تتسم بالارتجال والعشوائية، إذ يتم التراجع عنها لاحقًا، مما يعمق حالة الغموض والقلق في الأسواق.
وأشار شعيب، إلى أن الصراعات التجارية الأمريكية لا تقتصر على الصين فقط، بل تشمل أيضًا كندا والمكسيك، وهما شريكان رئيسيان في التجارة الأمريكية، إذ تمثل الدول الثلاث مجتمعة أكثر من 43% من فاتورة الاستيراد الأمريكية.
كما تواجه العلاقات الاقتصادية الأمريكية الأوروبية خطر التصعيد، في ظل تهديدات واشنطن بفرض رسوم على الاتحاد الأوروبي، مما يضع أسس النظام التجاري العالمي على المحك.
القطاعات المتضررة من الحرب التجارية بين أمريكا والصين
وعن القطاعات المتضررة، أوضح الدكتور بلال شعيب، أن قطاع الهواتف المحمولة من بين الأكثر تأثرًا، حيث من المتوقع أن تضيف الرسوم الجمركية الجديدة أكثر من 900 مليون دولار إلى الفاتورة الاستيرادية الأمريكية في هذا القطاع وحده.
كما ستطال التأثيرات قطاعات صناعية أخرى، ما يزيد من أعباء العجز في الميزان التجاري الأمريكي.
وفي ختام تحليله، شدد الدكتور بلال شعيب، على أن الحل لا يكمن في تبادل العقوبات وفرض الرسوم، بل في السعي إلى بناء علاقات اقتصادية قائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، مشيرًا إلى أن استمرار النزاع لن يخدم أحدًا، بل سيهدد مستقبل الاقتصاد العالمي ككل.