هل إسرائيل وراء حادث إطلاق النار على سفارتها بواشنطن لكسب تعاطف العالم؟

بعد حادث إطلاق النار من قبل الاحتلال الإسرائيلي على الوفد الدبلوماسي في مخيم جنين بالضفة الغربية خلال الساعات الماضية، شعر العالم أجمع بغضب شديد من هذه الواقعة وأصدر بيانات إدانة بأشد العبارة فضلًا عن استدعاء السفراء الصهاينة لدى دول أوروبا احتجاجًا على الواقعة وطلب توضيحات بشأن تفاصيل الحادث.
الأمر الذي أثار قلق بالغ لدى الاحتلال الإسرائيلي من حصار دبلوماسي ودولي، ليليه حادث أثار جدل العالم أجمع وهو إطلاق النار على مقر السفارة الإسرائيلية لدى العاصمة الأمريكية واشنطن على يد كاتب محتوى يدعى"إلياس رودريجيز"، حيث أسفر تلك الحادث عن مقتل اثنين من الموظفين الإسرائيليين بالسفارة وتم القبض عليه وهو يهتف “ Free Palestine” الحرية لفلسطين،.
لتستغل سلطات الاحتلال برياسة بنيامين نتنياهو تلك الحادثة زاعمة أنها مصدومة من تلك الحادثة وأن الحادثة ضمن الدعايات “المعادية للسامية”، ثم تقول أوروبا أنها تعرب عن شعورها بالفزع والصدمة، ليطرح السؤال نفسه هل ما حدث مؤامرة إسرائيلية لكسب تعاطف العالم وتشويه صورة القضية الفلسطينية العادلة.

حادث إطلاق النار في سفارة إسرائيل بواشنطن
في هذا الصدد قال الدكتور محمد عثمان الباحث في العلاقات الدولية، إنه الهجوم الذي استهدف موظفين بالسفارة الإسرائيلية في واشنطن أمر مؤسف، ولا أحد عاقل يبرر أي استهداف لمدني أعزل حتى وإن ممثلًا لدولة الاحتلال، لكن ما جري من هجوم مؤشر على الانخفاض الحاد لرصيد إسرائيل من التعاطف والتضامن لدى شرائح واسعة من المجتمعات الغربية، حيث أن ما اقترفته، وتقترفه دولة الاحتلال بغزة والضفة وغيرها من جرائم مفزعة في حق الإنسانية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ساهم في تغيير الصورة الذهنية المأخوذة عنها لدى الملايين من مواطني الدول الغربية.
لفت الدكتور محمد عثمان في تصريح خاص لموقع الأيام المصرية إلى أن مرتكب هجوم واشنطن ليس من أصول عربية أو خلفية دينية إسلامية، بل هو شخص يدعي “إلياس رودريجز” من أصول لاتينية، وبالرغم من ذلك كان يرتدي كوفية فلسطينية، وردد هتاف "الحرية بفلسطين" أثناء القبض عليه بعد تنفيذه لجريمته، أي أن الغضب والكراهية ضد إسرائيل بسبب أفعالها تستفز مشاعر الكثيرين، وتجلب على نفسها رد فعل في صورة عنف وإرهاب ستسغله دولة الكيان لصالحها من أجل محاولة لعب دور الضحية من جديد.
كما أكد عثمان أن الغضب الإسرائيلي من استهداف موظفي سفارتها متوقع وإن كان لا يتسق مع السلوك الإسرائيلي نفسه، بسبب قيام جيش الاحتلال بإطلاق النار على وفد دبلوماسي كبير في ضيافة السلطة الفلسطينية بمدينة جنين بالضفة الغربية يضم سفراء وممثلي أكثر من 30 دولة من بينها بلدان أوروبية ومصر والأردن واليابان والصين وروسيا.
وشدد أن اعتداء جيش الرسمي لدولة وليس شخص منفرد أو جماعة إرهابية، رمزية ودلالة مفادها أن المعيار الأخلاقي والقيمي المتدني لدى دولة الاحتلال هو نفس المعيار للجماعات الإرهابية الخسيسة، ولها من مفارقة عجيبة تستحق التوقف والتأمل.

نيفين وهدان: واشنطن تعد أكثر العواصم تحصيناً
كما قالت الدكتورة نيفين وهدان أستاذة العلوم السياسية إن حادث إطلاق النار على السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأمريكية واشنطن التي تُعد من أكثر المناطق خضوعاً للرقابة الأمنية المستمرة، وأسفر عن مقتل اثنين من موظفي السفارة، يثير العديد من التساؤلات حول التوقيت والدوافع. ومن الضروري في هذا السياق تجاوز الزاوية الأمنية التقليدية، والنظر إلى الحادث ضمن إطار أوسع يشمل السياق السياسي والأحداث الدولية المصاحبة له.
وأوضحت الدكتورة نيفين وهدان في تصريح خاص لموقع الأيام المصرية، أنه لا يمكن إغفال حقيقة أن إسرائيل تتبع منذ زمن طويل استراتيجية "تحويل الأنظار"، كأداة لصرف الانتباه عن الانتهاكات السياسية التي تمارسها ضد الإنسانية، وقد استخدمت هذه السياسة مرارًا عبر مراحل تاريخية مختلفة.
وأضافت وهدان أن هنلاك بعض التحليلات أن هذا الحادث قد يندرج ضمن إطار لفت النظر، بهدف إعادة تموضع سردي يضع إسرائيل مجدداً في موقع "الضحية"، بما يخدم خطابها السياسي والإعلامي.
وأشارت إلى أنه بالرغم من غياب أدلة قاطعة تشير إلى وجود تدبير مباشر وراء الحادث، فإن استحضار هذا الاحتمال يظل مشروعًا في ضوء النمط المتكرر لهذه الاستراتيجيات.
أما من منظور استراتيجي أمني، فإن وقوع مثل هذا الحادث في واشنطن أكثر العواصم تحصيناً، وفي ظل تنسيق أمني أمريكي إسرائيلي مكثف، يبدو أمراً مستبعداً دون وجود ثغرات أو دوافع أعمق.
واختمت الدكتورة نيفين وهدان أستاذة العلوم السياسية بقوله إنه سواء أكان الحادث مدبراً أو عفوياً، فإنه يمنح إسرائيل فرصة لإعادة تفعيل خطاب مزعوم وهو "مكافحة الإرهاب"، واستثارة الدعم الدولي وتشتيت الانتباه عن جرائمها المتواصلة ضد الإنسانية في الأراضي المحتلة.
